الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

صناعة المصادر الوهمية

من المتعارف عليه بأن ذكر مصدر أي معلومة أو خبر يعطي انطباعاً بأن الجهة التي نشرت المعلومة أو الخبر لها مصداقيتها فيما تنشر وتقول، ولكن في ذات الوقت هناك مصادر وهمية تم إقحامها في بطون الكتب وعبر الإعلام لتمرير معلومات غير صحيحة وأخبار مغلوطة.

وبما أن الحياد الدائم للإعلام على مستوى العالم لا يمكن تصديقه، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة في الأزمة الأوكرانية الروسية التي راجت فيها صناعة المصادر الوهمية، وإن كانت المصادر الوهمية ليست صناعة حديثة فهي أداة قديمة جعلت الناس يعبدون رباً واحداً بأكثر من دين ومذهب نتيجة تسرب المصادر الوهمية التي جعلت البعض يكفّر البعض الآخر.

ومن طرق صناعة المصادر الوهمية أن تفبرك إحدى القنوات المشهورة خبراً، ولتضفي عليه المصداقية فإنها ترجعه لمصدر دون أن تسميه أو تحدده، ثم تأتي قناة أخرى وتكرر ذات الخبر غير الصحيح، ولتعطي لنفسها المصداقية فإنها ترجعه للقناة التي فبركت الخبر لأول مرة، فبذلك ينطلي الخبر الكاذب على بعض المشاهدين الذين صدقوا الخبر المكرر لأنه منقول من قناة يعتقدون بأن لها مصداقيتها!.

وصناعة المصادر الوهمية أصبحت تعاني من رداءة إنتاجها، فعلى سبيل المثال إحدى القنوات الإخبارية المشهورة نسبت لمصدر أوروبي أنه مستاء من إحدى الدول نتيجة موقفها من الأزمة الأوكرانية الروسية دون أن تسمي أو تحدد الانتماءات السياسية أو الإدارية لهذا المصدر، فهل تنتظر منا هذه القناة أن نتكهن من هو المصدر الأوروبي المكون من أكثر من 700 مليون شخص أوروبي؟!.

وأحياناً يفضح صُناع المصادر الوهمية بعضهم البعض عندما يُرجعون فبركتهم للأخبار لمصدر واحد، كمن ينشر خبراً ويحدد على سبيل المثال بأن مصدره ذكر وجود قتلى، بينما يأتي منافسه الإعلامي لينسب لذات المصدر أنه لا يوجد قتلى، ما يجعل المتلقي لهذه الأخبار في حيرة من أمره، وأي مصدر يُصدق.

وثقافة المصادر كان لها أدبياتها وفق محدودية جغرافيتها وقلة الأشخاص المعروفين والمحيطين بالحدث، ولكن مع مرور الوقت تم تحوير أدبيات المصدر إلى أن تكون كلمة تُطرز بها الأخبار التي ليس لها أساس من الصحة تحت ستار مصادر أدلت، مصدر مسؤول، مصدر مطلع، مصدر مُقرب، مصدر موثوق، مصدر متابع، مصدر مراقب..، فهل ستصل حبكة المصادر إلى أن نسمع أو نقرأ بأن المعلومة أُخذت من مصدر متابع لمصدر موثوق بأنه سمع من مصدر مطلع بأن مصدراً مقرباً لمصدر مسؤول وهو يدلي بالمعلومة؟!.