لقد تبنت دولتنا في قمة اللغة العربية عدة توصيات تحمل في طياتها العديد من الحلول لضمان حمايتها وتطويرها بتفعيلها للعمل العربي المشترك، فهي بداية مرحلة عنوانها تطوير اللغة العربية وجعلها لغة المستقبل، وإعادة ألقها الحضاري، والانطلاق إلى المستقبل بكل تغيراته وتحدياته وتنافسيته.
حان الوقت لدق جرس الإنذار للعودة إلى اللغة العربية، ولا بد أن نستمع إلى ما يحمله رنينه إلينا بكل جدية وحرص، إنها مسألة أمن وطني وقومي، اللغة العربية في موقف دفاعي، وتراجع مكانتها في بيتها وبين أبنائها، واتساع رقعة استخدام اللغات الأجنبية يحتمان الدفاع.. وهناك من يعتقد أنها أزمة لغة لا تستطيع مواكبة المستجدات العالمية، لكنها في الأصل أزمة جيل انسلخ من ثقافته لمصلحة ثقافات أخرى.
اللغة العربية هي الهوية والثقافة والأصالة والشرف والوطن، فهي تمتلك كل مقومات النجاح والديمومة بفضل التواصل والاقتصاد والجغرافيا والمعرفة في منطقتنا، وقبلها الإرث الحضاري والتاريخي.
ثمة رسالة إماراتية ذات مغزى، محاولة خلق «إرادة عربية حقيقية» وتفعيل دور الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، ما يدل على قدرة الإمارات على إدارة هذه الاستحقاقات الحضارية الكبرى وإنجاحها، لكن لا توجد هناك إرادة حقيقية، أو رغبة مجتمعيَّة عربية للارتقاء بالعربيَّة وتمكينها.
القوة العربية لن تتحقق في ظل هوية ممزقة، بل ستُضرب وحدتها أرضاً وشعباً ومصيراً
في ظل هذا، كان لزاماً لجامعة الدول العربية المشاركة في قمة اللغة العربية، لما تحمله من ثقل محوري وسياسي ودبلوماسي مهم، كما يقول الدكتور سليمان العسكري في مقال له قبل عشر سنوات «فقدان العرب هويتهم أفقد مؤسسات العمل العربي المشترك مصداقيتها، وعلى رأسها جامعة الدول العربية»، فالمؤسَّسات الرسميَّة والوطنية العربية لا بد أن تكون في حالة استنفار عُليا لممارسة اللغة بكل كفاءة ممكنة، ولكي تتبوأ مكانتها الحضارية.
القوة العربية لن تتحقق في ظل هوية ممزقة، بل ستُضرب وحدتها أرضاً وشعباً ومصيراً، ووحدتها هي هوية عربية متماسكة لمواجهة التحديات الثقافية، والمتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية.