مدتها لحظات، وإن طالت فدقيقة، ولكنها عالم بذاته من حيث المعاني والفلسفات.. إنها وقفة الثلاجة!
حين فطن كل أطباء الحميات الغذائية والريجيم لأخطر أوقات اليوم من حيث الشهية، كانوا صائبين حيث أجمعوا أن الساعات المتأخرة من الليل ليست إلا مباراة بينك وبين الشيطان، وفرصة سانحة للغواية والاستمتاع بأشهى أنواع الأطعمة المحرمة والمصممة خصيصاً لسهرات منصات الأفلام والمسلسلات، مدعمة بمشروبات غازية لرفع معدلات المتعة إلى درجتها القصوى.
هذه إحدى الطرائق، وأما الأخرى فهي الزيارة الحتمية للثلاجة، وفتحها مراراً وتكراراً لاكتشاف ما فيها، وتقليب أكياسها وعلبها يميناً ويساراً، لعل وعسى أن نظفر بشيء يغنينا عن كلفة الديلفيري ووجبة ساخنة من إحدى مطاعم البيتزا أو البرغر.
الوقوف أمام الثلاجة ليست مجرد عادة تمر في يومنا مرور الكرام ولكنها حالة تدعو للتأمل ويمكنك في هذا الموقف مراعاة 5 اعتبارات.
أولا، هذه الثواني المعدودة اختبار لقدراتك الخاصة في تحمل الجوع والثبات أمام وساوس المعدة، وشرايينك التي تصرخ من الأعماق أن تدع الأخضر واليابس داخل الثلاجة، فخذ قرارك هل ستكون زاهداً قوياً وتغلق باب الشر أم سترفع شعار أهلاً بالسعادة، وتخترق الحدود الباردة؟!
فعليك أن تمتلك ثباتاً انفعالياً حيال هذا الموقف، وتقوم بتجهيز إجابة حاسمة في كلمتين تحافظ على بقاء الوضع كما هو عليه، فكل ثلاجة لها تشكيلتها الخاصة التي تضعها الزوجة ولا تحب تغييرها أو تحريك أحد عناصرها، فاعلم أن تغيير معتقداتك ربما كان أسهل من تحريك «برطمان الصلصة» من مكانه!
ثالثاً، في بعض الثلاجات الحديثة جرس إنذار «سخيف» ينبهك أنك تجاوزت عدد الثواني الطبيعي في فتح الثلاجة، حفاظاً على ما فيها، فهو في حقيقة الأمر أحد منغصات الفكرة، ومفسدات المتعة لأنه يتحالف مع ضميرك ضد شهواتك وهو ما يرفضه العقل الباطن، فضلاً عن أنه يوقظ زوجتك ويخبرها بأنه ثمة من يقتحم ثلاجتها.
رابعاً، قم بالعد كم من مرة تقلب العلب وتفتحها وتتأكد مما فيها، ثم تغلقها، ستجدها متلازمة حتمية تنفذها بلا وعي، طالما لم تجد ضالتك المنشودة بعد، وفي كل الأحوال فلا فكاك ولا مهرب من مقابلة علبة الثوم المجمد، ومكعبات الحساء، وبواقي طبيخ الأسبوع بعد أن تغير طعمها ولونها وصارت إحدى حفريات وتراث الثلاجة المجيد.
خامساً، آخر ما سيوحي به الشيطان هو حيلة (العشاء الخفيف)، ويقصد بهذه الوسوسة طقم الجبن بأنواعه، الرومي والفلمنك والأبيض ومعها زبادي أو خيار، فإذا قررت ذلك فاعلم أنك في قلب الأكذوبة، وأنك كالراقص على السلم فلا أنت التزمت الإرادة وامتنعت، ولا أنت قمت بطلب ديلفري لوجبة دجاج مقلي ساخنة مقرمشة مع البطاطا والمايونيز لزوم السهرة والمسلسل!