الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

بستان الكرة والروائح الكريهة

صدرت العديد من الكتب التي سلّطت الضوء على الفساد الموجود في لعبة كرة القدم, منها كتاب ديفيد يالوب «كيف سرقوا اللعبة»، الذي صدر في العقد الأخير من القرن الماضي، وحاول الاتحاد الدولي حينذاك منع الكتاب لكنه لم يفلح، وما زال هذا الإصدار يعد أحد الأدلة على وجود روائح كريهة في بستان اللعبة الشعبية.

على الرغم من الفساد، تبقى كرة القدم نشاطاً إنسانياً عظيماً وقوة اقتصادية مؤثرة عالمياً، كما تلتقي على مدرجات ملاعبها التقاليد والفنون والقيم المختلفة، وباختصار، تحولت الملاعب إلى مسارح واسعة تستضيف تراث الشعوب.

بعد أن أصبح المال الهدف الأساسي للفيفا والاتحادات القارية، ظهرت للوجود ظواهر غير شرعية، منها القرعة الموجهة التي تساعد المستضيف على الاستمرار في البطولة إلى أبعد مدى يمكنه الوصول إليه، وهذا يحدث في بطولات منتخبات الفئات العمرية أو الرئيسة، فضلاً عن اختيار حكام مطيعين يلبون التوجيهات الشفوية لمسؤولي الفيفا والاتحادات القارية.

في الجانب الآخر، فإن تطور النقل التلفزيوني ودخول التقنيات الحديثة، جعل مهمة الانحياز التحكيمي لمنتخب أو آخر أكثر صعوبة، لكن هذا التقدم التكنولوجي لم يقضِ على هذه الظاهرة تماماً.

لم يتوقف التغيير في كرة القدم وقوانينها عند حد معين، فقد جاء أخيراً «الفار» لمساعدة الحكام في اتخاذ قرارات أكثر دقة، خاصة المتعلقة بالأهداف وركلات الجزاء والبطاقات الملونة وغيرها، لكن هذه التقنية يمكن توظيفها لخدمة "المنتخبات المستضيفة" بطريقة غير عادلة من أجل الحفاظ على الزخم الجماهيري.

لجان الحكام في الفيفا والاتحادات القارية تختار الحكام المؤهلين لإدارة المباريات الحساسة، لكنها في الوقت نفسه ربما تُعيّن حكام فيديو بإمكانهم التأثير في قرارات الحكم لصالح فريق أو منتخب.

نأمل أن تكون العدالة في اللعبة الشعبية هدفاً رئيساً للفيفا وبقية الاتحادات القارية، وليس المال، ويجب التوقف عن مساعدة أصحاب الأرض من خلال الصافرة أو الراية أو الفار، لأن هذه المساعدة غير المشروعة ترفع نسبة الفساد في كرة القدم، وتؤثر سلباً في مستقبلها وشعبيتها.