روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا نزل، فكنت أسمعه كثيراً يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال».
شدني في هذا الحديث قول أنس رضي الله عنه: كنت أسمعه كثيراً يقول، فالمقصود أن هذه الدعوات كان النبي عليه الصلاة والسلام يكررها كثيراً، فمن الطبائع المذمومة العجز والكسل، فيكون الإنسان متقاعساً عن المكارم والفضائل مائلاً للدعة والراحة المفرطة، لا يكاد يمر عليه في اليوم أي إنجاز أو عمل، وهذا سبب عظيم جداً لتسلط الوساوس والهواجس عليه، فالحركة والعمل تشغل الإنسان عن مثل هذه الأمور، وبعضهم يتمادى في الدعة والراحة والبطالة والعطالة فيتجه لأفكار منحرفة جداً ويقتنع بها، ولو شغل نفسه بأي عمل نافع ومفيد فلن يجد وقتاً لمثل هذه الأمور، لذلك يصف بعض أهل الاختصاص لمن يعانون من الهموم الزائدة بأن يكثروا من الرياضة والحركة ففيها نفع عظيم.
ومن الكتابات التي كتبها بعض علماء القرن الماضي، مثل الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله حول الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، الذي ذكر منها شغل الإنسان نفسه بشيء يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا، فهذه وسيلة حسنة لطرد الهموم والقلق والتفكير السلبي عن الإنسان.
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكباً أو ماشياً، والمسافة بين المسجد والنبوي ومسجد قباء عدة كيلومترات، ومع هذا كان نبينا الكريم يقطعها أحياناً ماشياً.
وكذلك، التكبير في أول الصباح محمود وهو من أسباب البركة والخير، ومن الحكم الجميلة قول بعض السلف الصالح: «يومك مثل جملك إذا أمسكت أوله تبعك آخره»، ومن الأمور الواجبة على الآباء والأمهات ترك تعويد الأولاد ذكوراً وإناثاً على الرفاهية المفرطة، فانغماس الأولاد في الكسل والدعة والراحة من أعظم أسباب عدم تحملهم للمسؤولية مستقبلاً.