الاثنين - 30 ديسمبر 2024
الاثنين - 30 ديسمبر 2024

التزييف العميق.. بين ما تراه وتسمعه

قيل لنا لا تُصدق كل ما تسمع، وصدق نصف ما تراه عينك واترك النصف الثاني لعقلك، واليوم أقول لك: كَذِّبْ كل ما تراه عينك فتقنيات التزييف العميق باتت أكثر تطوراً وسهلة الاستخدام بشكل لافت، فبضغطة زر واحدة تستطيع أن تضع صورة أي شخص على مقطع فيديو، وباستخدام الذكاء الاصطناعي سيكون أمامك فيديو وكأنه حقيقي لصاحب الصورة، ولك أن تتخيل حجم الأحداث التي يمكن أن تُستغل بفضل هذه التقنية.

مسؤول حكومي انتشر له مقطع فاضح عبر الإنترنت وتأثرت صورته وتشوهت أمام الرأي العام، وبعد كل هذا اكتشف أنه كان ضحية التزييف العميق، شخص بسيط وصله فيديو لزوجته أو أخته أو صديقته ليجدها بوضع مخل بالأداب ولأنه يجهل قدرة التزييف العميق على توليد فيديوهات متقنة التزييف اعتقد أن الفيديو صحيح فنشبت الكثير من المشاكل العائلية، هذا كله بسيط أمام ما حصل مع أحد الأشخاص عندما وجد نفسه متهماً بتهمة القتل العمد بعد انتشار فيديو له أثناء ارتكاب الجريمة، ولك أن تتخيل صديقي القارئ ماذا سيحدث لو انتشر فيديو لمسؤول حكومي بارز وهو ينسف بالعلاقات مع دول وحلفاء أو يعلن الحرب قبل أن يتم اكتشاف الأمر ويتم الإعلان بأن الفيديو مزيف.

لا شك أن هناك جهات ومؤسسات وخبراء متخصصين في كشف التزييف خصوصاً في الأجهزة الشرطية والأمنية وأجهزة الاستخبارات، ولكن ماذا عن الناس البسطاء الذين يجهلون مثل هذه التقنيات وتطوراتها وإلى أي حد بات الأمر سهلاً، فإحدى المواقع الإلكترونية تتيح لك وضع أي صورة على فيديوهات محملة عليه بكبسة زر، وبعض التطبيقات والمواقع المدفوعة باتت تتيح للمستخدم العادي استخدام مثل هذه التقنيات وبأسعار رمزية، ما يُمكن أي شخص من استغلال هذه التقنيات لإثارة المشاكل أو حتى المزاح مع أشخاص من محيطه، وحتى لو تم كشف التزييف سنعود أيضاً لمشكلة كبيرة تواجهنا هي كيفية بناء الثقة بعد انتشار مثل هذه الفيديوهات سواء على المستويات الحكومية أو الشركات أو المؤسسات عندما تتعرض لتشويه في صورتها وأعمالها وصولاً للثقة بين الأزواج والأصدقاء والمجتمع العادي.

تقنيات التزييف العميق تتطور بشكل لافت وقريباً سوف تتحول لمشاريع تجارية سنجد منها ما هو مفيد وجيد وما هو سيئ، ولكي ننظر لنصف الكأس المليان، تخيلوا حجم الإبداع الذي يمكن لهذه التكنولوجيا أن تضيفه لتجاربنا، ولكن يبقى الجانب السيئ منها مشكلة تحتاج منا أن نجد حلولاً لها وإلى حينها كذب كل ما تراه عينك.