من علامات الخير والتوفيق حرص الموظف على إبراء ذمته في عمله، فهذا الأمر يتطلب قبل أي شيء وجود إنصاف صادق للنفس، فيعرف الموظف من نفسه هل يقوم حقاً بإنجاز المهام الموكلة إليه، أم إنه من أهل التقصير؟
وهذا الإنصاف عزيز جداً، لأن الموظف قد يقارن نفسه بمجموعة من المقصّرين فلا يتصور تقصيره أبداً، وأما لو نظر إلى الموظفين المجتهدين فعندها سينصف نفسه بصراحة ووضوح.
وأما إن مات الضمير فهنا سيسترسل الموظف مع التقصير والتفريط ولن يشعر بالندم إطلاقاً، ومن صور ذلك تلاعب البعض بأنظمة العمل، فيتحايل بطرق مختلفة للحصول على إجازة مرضية أو للسماح له بالعمل عن بعد، أو يقوم باستخدام جهاز البصمة في وقت مبكر جداً ثم يخرج من العمل ويعود بعد بدايته بنصف ساعة، فهذه الصور وغيرها لا تجوز بحال، والعجيب أنك تجد بعض الموظفين يبررون لأنفسهم فعل هذه الأمور، وأحدهم يصرح قائلاً: «العبرة بالإنجاز وتقليص أوقات العمل أمر مطلوب»، ثم يتخذ القرار بنفسه ويقلص أوقات عمله بحسب هواه، فلا بد من تذكير هؤلاء بخطورة هذه الأمور من جميع النواحي.
ومن صور التقصير أيضاً انشغال الموظف عن العمل بأمور أخرى فالوقت يمضي للحديث مع فلان وعلان، ثم يمضي بالدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ينتهي وقت العمل ولم ينجز الموظف إلا معاملات يسيرة جداً لا تذكر، أو يقوم بعضهم بمهمة ميدانية تستغرق نصف ساعة فينجزها في أربع ساعات أو أكثر، فتضيع حقوق المتعاملين أو تتأخر.
وعلى العكس من ذلك كله، الموظف المجتهد الذي يحرص على إبراء ذمته في عمله فتراه لا يتأخر عن العمل ويحرص غاية الحرص على إنجاز كافة المعاملات التي استلمها مع إتقان وبراعة وحرص على التعلم، فهذا الموظف له بإذن الله الأجور العظيمة في الآخرة، وينبغي على كل مسؤول أن ينتبه لهؤلاء المتميزين ولا يقصر معهم!