السبت - 21 ديسمبر 2024
السبت - 21 ديسمبر 2024

سياراتنا تتجسَّسُ علينا

قبل أيام قامت الصين بمطالبة صانعي السيارات الذكية بتخزين البيانات، التي يتم إنشاؤها من هذه السيارات داخل الصين، وقد قالت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية في إرشادات رسمية: «إن المعلومات الشخصية والبيانات المهمة التي يتم جمعها وتوليدها داخل الصين، يجب تخزينها في الصين وفقاً للقوانين واللوائح ذات الصلة».

وهذا أمر أجده جيِّداً من ناحية، ولكنه يأخذنا لتساؤل مفاده: ما هي نوع البيانات التي تولدها السيارات الذكية؟ وما هي طبيعتها؟ وهل فعلاً سياراتنا ستتجسَّس علينا في المستقبل؟

وجود سيارة فيها كم هائل من المستشعرات والكاميرات ومتصلة بالإنترنت، هذا يعني وبكل تأكيد أن هناك خطورة على بياناتنا وعلى أسرارنا، وشركات التكنولوجيا لا تفوت أي وسيلة تجمع فيها البيانات لتحللها وتستغلها في كسب الأموال، وهذا أمر بات معروفاً، وتخيل معي عزيزي القارئ كم حجم البيانات التي يمكن للسيارة أن تسجلها وتخزنها.

مثلاً طريقة قيادتك، وكم مرة خالفت فيها أنظمة المرور، أو تقوم بتسجيل محادثاتك، ومكالماتك التي تجريها بداخلها، أو مثلاً تسجل بيانات رحلاتك وتنقلاتك.

وقد يبدو هذا الأمر مشابهاً لما تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في تسجيل وتحليل بياناتك وبيعها للمعلنين، ولا عجب أن تجد سيارتك في المستقبل تقترح عليك أن تتوقف على بعد 5 أميال لتناول وجبة أو قهوة، ويكون هذا الاقتراح هو اقتراح إعلاني مدفوع.

المشكلة الحقيقية ليست في البيانات التي تجمعها شركات التكنولوجيا عنك، فهي في غالبها بيانات شخصية لن تستغلها أي شركة ضدك في يوم من الأيام، ولكن الخطورة في وصول هذه البيانات لأيادٍ غير أمينة، وهذا يأخذنا فعلاً لوجوب تخزين البيانات التي تجمعها السيارات في أماكن تخزين إلكترونية من الصعب الوصول إليها، وأن تكون هناك رقابة حكومية على هذه البيانات، وأيضاً رقابة على التحديثات التي ستقوم بها الشركات في المستقبل، وذلك لحماية المستخدمين من التطفل التجاري الذي يمارسه من يملك كل هذه البيانات.

بالنسبة لي لا أخاف أن تتجسَّس عليَّ سيارتي بقدر ما تعقد الحكومات صفقات مع مشغلي هذه السيارات لمراقبة سلوك السياقة، وبدلاً من أن نجد كاميرات مراقبة على الطرقات نجدها داخل أنظمة السيارة، حينها لا تقول لي: إنك ستفلت من المخالفة المرورية مهما فعلت، ولكن بنفس الوقت لن تغامر شركات السيارات في إرضاء الحكومات على حساب إرضاء من يشتري سياراتها، فكن مطمئناً من هذه الناحية، أما أن تتجسس عليك سيارتك فتوقع ذلك في المستقبل.