2021-08-04
حين تصبح الحياة أحياناً بعوالمها، بمواقفها، بتحدياتها، بتشابكاتها، بتعقد مستوياتها، بلذعة الاقتراب، ووطأة الاغتراب، عصية على الفهم، تسكن متاهات الدروب، وتتجمّل مع صنوف الخُطوب، وذاتك مثقلة بصدمات الخيبات من سقف توقعات كاد يسقط فوق رأسك، وصمت أنينك مع الصباحات والمساءات.. ماذا حدث؟ وكيف حدث؟ وهل هذا هو الإصدار الأخير لإنسان هذا الزمان؟
إن سألوك ماذا حدث في العلاقات الإنسانية؟ فقل غابت الجذور وحضرت القشور، وخبا مداد الشوق إلى اللقاءات الصادقة، ورسائل ساعي البريد، وترقب رنين الهاتف الأرضي، ومواعيد الوصول إلى المطارات والمحطات، والوداع بدموع القلب قبل العين، وحلَّت أجساد بلا أرواح، اختصرت كل المشاعر بضغطة زر واحدة تكفي لواجب أتراح أو أفراح، والكل في مضمار السباق، والورود الصماء، وحروف بلا ملامح، وتواصل بلا أواصر، والبحث الواهم عن الظاهر والمظاهر، وضجيج يحاصرك بلا عوائد.
إن سألوك ماذا حدث في أبوة الآباء وبنوة الأبناء ومكانة الأقرباء ومودة ذوي الرحم، وتوقير الكبير، واحتواء الصغير، والمشاعر الصادقة، فقل كانوا جميعاً في القرب متحدين وللمكانة عالمين، والآن في التباعد والتباغض متنافسين، لقاءات غاب عنها عشب الاشتياق وروح الإخاء، وحنين الدفء العائلي بمودة القلوب وسعادة العطاء، قبل غزو الشّاشات والسماعات، والمنصَّات الافتراضية والوهمية بترسانة الحوائط الأسمنتية والفواصل الإنسانية، والتباعد الوجداني والمكاني والقيمي، ليصير الآباء عالة على الأبناء، وأشباه آباء نسوا أمانة الراعي لرعيته، وتكتمل محنة الإنسان لدى سجَّان هذا الزمان بجائحة جامحة جعلت من التباعد فرض عين للبقاء.
وإن تساءلت ماذا حدث لذاتك؟، فحديثك الهامس يتزايد، وحنينك الدائم لذاكرة البدايات ورحيق الزمن الجميل يتعاظم، وبوحك مع الآخر يندثر، وسرك الآسر لا يبارح صدرك، تخشى الاقتراب لكثرة ما أصابك من الاحتراق، تبحث عن شاطئ الاعتزال، وبستان نقاء وميناء سلام، وعيش في أمان لتمضي ما تبقى بعيداً عن نيران صديقة، كافية لتشويه هُويتك وطمس تاريخك ومحو وجودك. آنذاك يناديك صدى أنينك الصامت: إن لم تُقدّرْ ذاتك، وتشترِ راحة بالك بقائمة إهمالك، وتخفض سقف توقعاتك، فستوجعك الحقيقة، وستبقى أسير الانتظار، وقيد الإقامة الجبرية واهماً حتى يحتويك الغياب بلا إياب..! طوبي لمن قرأ الكتاب، فغادره الانتظار، وأعاد ترتيب الأولويات ليولد من جديد في الإصدار الجديد بوثيقة الخلود: «تباعدوا تصحوا.. ولكم في الاستغناء حياة، ومن تَرَك مَلَك»..!
إن سألوك ماذا حدث في العلاقات الإنسانية؟ فقل غابت الجذور وحضرت القشور، وخبا مداد الشوق إلى اللقاءات الصادقة، ورسائل ساعي البريد، وترقب رنين الهاتف الأرضي، ومواعيد الوصول إلى المطارات والمحطات، والوداع بدموع القلب قبل العين، وحلَّت أجساد بلا أرواح، اختصرت كل المشاعر بضغطة زر واحدة تكفي لواجب أتراح أو أفراح، والكل في مضمار السباق، والورود الصماء، وحروف بلا ملامح، وتواصل بلا أواصر، والبحث الواهم عن الظاهر والمظاهر، وضجيج يحاصرك بلا عوائد.
إن سألوك ماذا حدث في أبوة الآباء وبنوة الأبناء ومكانة الأقرباء ومودة ذوي الرحم، وتوقير الكبير، واحتواء الصغير، والمشاعر الصادقة، فقل كانوا جميعاً في القرب متحدين وللمكانة عالمين، والآن في التباعد والتباغض متنافسين، لقاءات غاب عنها عشب الاشتياق وروح الإخاء، وحنين الدفء العائلي بمودة القلوب وسعادة العطاء، قبل غزو الشّاشات والسماعات، والمنصَّات الافتراضية والوهمية بترسانة الحوائط الأسمنتية والفواصل الإنسانية، والتباعد الوجداني والمكاني والقيمي، ليصير الآباء عالة على الأبناء، وأشباه آباء نسوا أمانة الراعي لرعيته، وتكتمل محنة الإنسان لدى سجَّان هذا الزمان بجائحة جامحة جعلت من التباعد فرض عين للبقاء.
وإن تساءلت ماذا حدث لذاتك؟، فحديثك الهامس يتزايد، وحنينك الدائم لذاكرة البدايات ورحيق الزمن الجميل يتعاظم، وبوحك مع الآخر يندثر، وسرك الآسر لا يبارح صدرك، تخشى الاقتراب لكثرة ما أصابك من الاحتراق، تبحث عن شاطئ الاعتزال، وبستان نقاء وميناء سلام، وعيش في أمان لتمضي ما تبقى بعيداً عن نيران صديقة، كافية لتشويه هُويتك وطمس تاريخك ومحو وجودك. آنذاك يناديك صدى أنينك الصامت: إن لم تُقدّرْ ذاتك، وتشترِ راحة بالك بقائمة إهمالك، وتخفض سقف توقعاتك، فستوجعك الحقيقة، وستبقى أسير الانتظار، وقيد الإقامة الجبرية واهماً حتى يحتويك الغياب بلا إياب..! طوبي لمن قرأ الكتاب، فغادره الانتظار، وأعاد ترتيب الأولويات ليولد من جديد في الإصدار الجديد بوثيقة الخلود: «تباعدوا تصحوا.. ولكم في الاستغناء حياة، ومن تَرَك مَلَك»..!