لم يتخيل صديقي أحمد يوماً أن الساعة التي أتته هديّة في عيد ميلاده الثاني والثلاثين، ستنقذ حياته، وتقدم له خدمة عمره بعد أن فقد وعيه إثر إصابته بفيروس كورونا، ولم يستطع التنفس لتقوم الساعة بإرسال مؤشراته الحيوية لقسم المتابعة، لتصله سيارة الإسعاف الأقرب لبيته، ويتم إنقاذه من هذه الحالة الصعبة.
كما لم يتخيل الكثير من المرضى حول العالم أن حياتهم سيتم إنقاذها بعد أن تم زرع شرائح أو أجهزة داخل أجسامهم أو تم ارتداؤها في معاصمهم أو سواعدهم، وقامت هذه الأجهزة بالتنبؤ بالأوقات التي سيمرون بها بنوبات قلبية، ربما تكون القاضية.
تتنافس شركات التكنولوجيا لصناعة أجهزة يمكن ارتداؤها لمراقبة المؤشرات الحيوية لأجسامنا، أو ما يعرف بـ«الأجهزة القابلة للارتداء» ويتم استخدامها لمراقبة المصابين بأمراض مزمنة، مثل السكري والضغط، أو حتى ممن يعانون من أمراض القلب أو التنفس.
وخلال جائحة كورونا تم استخدام الكثير من هذه الوسائل لمراقبة المصابين المعزولين في بيوتهم، وإذا ما استدعت حالتهم الدخول للمستشفى، تقوم هذه الأجهزة بإرسال رسالة استغاثة لأقرب مستشفى، ويتم بعدها إنقاذ المصاب من تداعيات خطيرة، كانت ستكون السبب في فقدانه حياته.
الساعات الذكية تتطور يوماً بعد يوم، أصبح بإمكانها قياس مستوى نبضات القلب ومستوى الأكسجين في الدم وغيرها من المؤشرات الحيوية، وباستخدام هذه الساعات وربطها بأنظمة وبرمجيات خاصة، صار في مقدورها المساعدة على تقديم العلاج للمرضى عن بعد.
وفي المستقبل ستتطور هذه التقنيات ليصبح طبيبك لديه مراقبة لحالتك لحظة بلحظة دون أن تكون بعيادته، بل يمكن له أن يراقب التأثيرات الجنبية للأدوية التي وصفها لك، ليعيد اختيار ما هو أنسب لحالتك.
تقول الدراسات إن الذكاء الاصطناعي أو الخوارزميات لديها القدرة على إنشاء نموذج خاص لكل شخص خلال 36 ساعة فقط، بعد أن تدرس مؤشراته الحيوية خلال هذا الوقت، لتستطيع بعد ذلك أن تقدم تقريراً نموذجيّاً عن الحالة الصحية لهذا الشخص، وبعدها تضعه ضمن جداول معينة تتماشى مع هذه المؤشرات، وإذا ما حدث أي اختلال بهذه المؤشرات سرعان ما تتنبأ بما يمكن حدوثه فتصدر التحذيرات المناسبة.
السّاعات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء ستكون حفيظة وأمينة على أرواحنا، وستقدم لنا الكثير من الحلول لمراقبة حالتنا الصحية، وتنظيمها، خصوصاً إن تم دمجها بالخوارزميات الطبية القادرة على التوجيه الصحي لكل شخص حسب معطياته الخاصة، هذا المستقبل سيفتح الباب لخدمات ورعاية صحيَّة لا مثيل لها.