تمر على الإنسان في هذه الحياة مواقف كثيرة يتعلم منها ويستفيد، فالتعلم لا يتوقف عند حد معين، ومن نظر إلى نفسه بأنه لا يحتاج إلى تعلم وتطوير فسيحرم نفسه من خير عظيم، بل قد يقع في مواقف محرجة وأخطاء فادحة لأنه توقف عن التعلم.
لقد تعلمت أشياء كثيرة، من خلال مجالسة الناس، والحديث إليهم، والنظر في مشكلاتهم، استفدت منها، وأثرت في نفسي، وتغيرت بسببها نظرتي لبعض المسائل، فمن الأمور التي تعلمتها من الناس أن المجتمع فيه الصالح والطالح، ومن ظن أن المجتمع كله لا خير فيه فهذا لم يجالس الناس ولم يعرفهم.
أحيانا قد نركز على الجوانب السلبية الموجودة، ونغفل عن أمور طيبة موجودة في المجتمع، وبعضهم قد يبالغ في النظر إلى السلبيات فتكون نظرته عن المجتمع سوداوية، فمن الخير الذي رأيته عند عدد من الناس حرص بعضهم على التبكير للصلاة، فمهما حاولت أن أنافسهم وجدت أن عددا ًمنهم يسبقني إلى الصف الأول، بل حدثني أحد الكرام أن صلاة الفجر لم تفته في جماعة منذ مدة طويلة جداً.
ومن الأمور التي تعلمتها من الناس ضرورة إحسان الظن بالآخرين فسوء الظن من أسباب الوزر والإثم، واذكر أن شابّاً طلب مني الحضور لإجراء عقد قرانه وكان الموعد في الساعة التاسعة صباحاً في وسط الأسبوع، فاستغربت جداً من الموعد، وقد يُساء الظن بالناس، فيظن أن المسألة لستر مشكلة معينة، فلما وصلت إلى المنزل وجدت الضيوف والحضور قد اجتمعوا.
وفي اليوم التالي تواصلت معه لأسلمه عقد الزواج، فلم يرد على اتصالي إلا متأخرا، وقال لي: أبق العقد عندك، لأنِّي في مهمة خارج الدولة. فهنا عرفت أهمية إحسان الظن بالآخرين.
وتعلمت من الناس أيضاً أن الكلمة الطيبة مفتاح عظيم لقلوب الناس، فتجد صاحب الكلمة الطيبة يحبه الناس، وصاحب الكلمة القاسية يبغضه الناس، لأن الكلمة القاسية تجرح وتؤثر، ولو تأملت في حال من يحبهم الناس ويفرحون بالجلوس معهم لوجدت أنهم من أصحاب الكلمة الطيبة وحسن الخلق.