ما قصة الفضوليين متقمصي دور رعاة الفضيلة، المعروفين بتصوير الناس ونشر خصوصياتهم بدعوى النقد وكشف الخطأ، فرغم صحة البعض منها، إلا أن التساؤلات هي: ما مدى مشروعية التشهير وتنصيبهم أنفسهم كحماة للقيم في هذه الحالة؟ وما تبعات نشر المقاطع وضررها؟ وهل خطأ البعض يبرر فضحه؟ وهل أصبحت أمتنا بحق أمة المغالاة بالفضيلة أم أنّ الظاهرة لا تعدو سوى مظهر للتنمر الإلكتروني الذي أتاحته وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة، فمكنت الجميع من التقاط الحدث لحظة وقوعه ونشره عبر الإنترنت؟
الملاحظ أنّ العديد من المقاطع يغلِّفها أصحابها برداء الوطنية والمصلحة العامة، لكنها غالباً تنحرف للشعبوية والتعصب والعنصرية، والمبرر دوماً من وراء نشرها هو النقد البناء، ولكن دون التوثق، مع تعمد زغزغة العواطف والمشاعر، وهو اللافت للانتباه في التعليقات التي تعقب انتشار المقاطع، وتحول النقاش حولها من تصحيح للخطأ ورفض للظاهرة والموقف إلى تصفية للحسابات.
بوسائل الإعلام التي تحترم الحقوق الفردية، عادةً ما يتم تغطية الوجوه كما في لقطات إلقاء القبض على أشخاص من قبل القوى الأمنية حتى لا تُعرف هويتهم، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وبالتالي ليس من حق أيٍ كان التشهير به، ومن حقه حال خرقه التقدم بدعوى، لذلك يلجأ الجميع في دولة القانون لعدم الوقوع بهذا الخطأ بخلاف دول العالم الثالث، حيث يكفي أن يدعي ملتقط المقطع وناشره أن هدفه الإصلاح ونقد الظواهر الاجتماعية السلبية لتبرير فعلته، رغم تجاهله لحقوق الآخرين، والواقع أنه نصب من نفسه قاضياً وجلاداً في نفس الوقت، بمهمة ليست من شأنه، وإنما هي من صلاحيات الجهات المختصة.