2020-07-21
قد يوافقني من خاض تجارب الأعمال العامة والخاصة، أن هناك حاجة ماسة للاتفاق على كلمة سواء تجعل من الأعمال التجارية وحتى الحكومية مجالاً بَنّاء وبيئة صحية إيجابية، بدلاً من كونها ميداناً للشك والدسائس والتصرفات الشائنة.
بالطبع، فإن مراقبة الله والتزام الأخلاق الحميدة هو السبيل لتحسين بيئة الأعمال واستدامتها، وجعلها جاذبة للمزيد من التفوق؛ لكن هناك مفاتيح عملية يفهمها المؤمنون وكذلك يفهمها غيرهم، ويعتبر تبني عقلية الوفرة ـ التي دعا لها الله تعالى في الآية 11 من سورة المجادلة (.. فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ..) - هي واحدة من تلك المفاتيح، ولكن ماذا تعني «عقلية الوفرة»؟
يرى ستيفن كوفي في كتابه العادة الثامنة: «أن عقلية الوفرة هي: الضلع الثالث للأخلاق بعد الاستقامة والنضج، ويعرفها بأنها العقلية التي تؤمن بأن هناك فرصاً وخيراً يكفيان الجميع»، ومن الآثار المباشرة لتبني هذا التفكير تلاشي الصراعات والأحقاد والدسائس في بيئات العمل، كما أنها تجلب لصاحبها الطمأنينة والثقة بالنفس والسلام الداخلي، وتجعله أكثر انفتاحاً وعطاء وسعادة، وتدفعه لتمكين الآخرين وحسن الظن بهم، وإن فاته شيء لم يتحسر عليه ولم يحقد على غيره لخير أصابه.
والتجارب الحياتية تؤكد أن صاحب هذه العقلية أكثر مصداقية لدى المتعاملين معه، وأكثر نجاحاً في مجال الأعمال، وجذباً للزبائن والاستثمارات، وأكثر إلهاماً للآخرين، وتمكيناً لهم لتحقيق النجاح الذي حققه، لأنه على يقين لا يتزعزع بأنه ما نقص مال من صدقة، وأن الخير لا ينقص إلا في نظر ويد البخيل، وكل المطلوب ـ بعد تبني عقلية الوفرة ـ هو الانضباط في العمل، والصدق مع المتعاملين، ونزاهة السلوك، والمبالغة في التواصل الإيجابي معهم.