التوطين أم الكفاءة؟
من أهم الملفات الاستراتيجية التي تهتم بها الدولة، ملف التوطين، إنها القضية الكبيرة والملف المهم الذي يعتبر من الملفات الوطنية التي تم التركيز عليها حتى أصبحت الشغل الشاغل، وعلى رأس اهتمامات قيادتنا وحكومتنا، فقد أشار إليها من عده أعوام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث أثارها سموه بشكل واضح ومباشر مخاطباً الجميع: «كثرت الشكوى من ملف التوطين، ونحن نسمعها.. وانخفضت نسبة رضا الناس عن تعامل المسؤولين مع هذه الظاهرة، ونحن نرصدها.. توفير الوظائف للمواطنين كان وسيبقى أولوية».
ولنكن منصفين في ذلك لقد قطعت الحكومة شوطاً كبيراً في علاج هذا الملف المهم، وفي وضع حلول لهذه المشكلة من خلال وضع الكثير من القرارات المهمة لرفع نسبة التوطين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، لكن ما زالت التحديات قائمة، وإشكاليات التوطين مستمرة، والمعاناة كالمرض يغيب لفترة ثم يعود مرة أخرى، فها هو يعود بمعنى ومفهوم آخر، في مقارنة بين فكرة التوطين والكفاءة، فالبعض يرى أن الكفاءة تحمي المؤسسات من المغامرة مع الشخص المتقدم للوظيفة، والبعض الآخر يرى أن التوطين هو خط أمان استراتيجي يحمي المؤسسة ويجب أن يستمر حتى في حال عدم وجود الخبرات، كما أن الكفاءة ليست حكراً على أحد، ويمكن بالتدريب والخبرة يكتسب الجميع مستويات كفاءة عالية.
المشكلة الرئيسية ربما تكمن في عدم إعطاء الفرصة المستحقة للمواطن من البداية، فهناك من يسعى لإثبات جدارته من خلال العمل، أما فيما يخص الكفاءة والقدرات فهي لا تعطى، بل تساهم الجهة التي يعمل بها المواطن، في بناء خبراته من خلال التدريب والمعرفة وتحديد أهدافه، لتكون هناك مخرجات حقيقية في بناء الموظف الشامل والمبدع.ما زالت التحديات قائمة.. وإشكاليات التوطين مستمرة.. والمعاناة كالمرض يغيب لفترة ثم يعود مرة أخرى
وما نشاهده اليوم من قدرات إبداعية لقيادات وشباب إماراتيين أصبحوا حديث العالم يعد مصدر فخر لنا جميعاً، ودليل على أن عملية التأسيس للكادر البشري أتت بثمارها ضمن استراتيجية الحكومة في بناء الإنسان.
لكن عندما تنعدم ثقة بعض المسؤولين، ويحدث نوع من الرفض لمنح الشخص الفرصة ليثبت من خلالها أنه على قدر المسؤولية، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مشكلة التوطين، لأن المسؤول أو المؤسسة سوف تضطر للاستعانة بخبرات غير مواطنة يعتقد بأنا الأجدر وربما الأوفر، ولكن لن يدرك بأنه مساهم في عرقلة نجاح ملف خطة التوطين، والسبب سيظل هو البحث عن كفاءات، وقد تكون «مزيفة»، وبلا قدرات حقيقية، والأكثر ضرراً هو نسيان الثوابت والملفات الوطنية المهمة.