ما هو المحتوى الذي يقدم للطفل عبر الشاشة الآن؟ وهل يواكب هذا المحتوى تطلعات الأجيال القادمة؟ وما الذي يقوم به صنّاع المحتوى لتقديم موضوعات ذات أهمية وجدوى للأطفال؟ هذه بعض الأسئلة التي تم طرحها على ضيوف جلسة خصصت لمناقشة صناعة محتوى الطفل، ضمن مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الثالثة عشر، والذي قدم أكثر من 1900 فعالية على مدى أيام انعقاده في مجالات متعددة أهمها الأمن المعرفي، الذي جوهره المحتوى مادة كون الطفل وتكوينه. فماذا كانت الإجابة؟
«الاشتغال على الطفل كذات» فكرة خطيرة، إذ إنها تولد أسئلة أخطر، إذ نقصد بالذات «الهوية والكيان والأخلاق والأبعاد النفسية والثقافية والمجتمعية واللغة، وآه من الأخيرة! فلا إحصائيات تخبرنا بنسبة المتحدثين من أطفالنا باللغة الأم، وهذه مشكلة يعاني منها معظمنا ولا نستثني من يجيدون الحوار اليومي باللهجة المحلية، فما هو مستوى أدائهم اللغوي كتابة واستماعاً وقراءة بالفصيحة؟ الهوية هي الأخرى تمثل خطا متذبذبا في الحوار اليومي، والمخاوف كبيرة يطلقها الآباء والأمهات كلما باشرهم أبناؤهم بأسئلة من مثل: كم عدد الآلهة في الكون؟ من خلق الله؟ ولماذا نموت؟ وهي ليست بغريبة على الأطفال في أول نشأتهم، وإنما الغريب هو "المقارنة الفارقة" بين ما تلتقطه حواس الطفل وتخزنه الذاكرة على أنه حقائق بالصوت والصورة، وبين إجاباتنا المبهمة بسبب القطيعة الطويلة بين المحكي اليومي والمنطق العقلي.
«أدوات العصر هي ملك المتلقي الصغير وملعبه»، فكرة محرجة أخرى بالنسبة لجيل كامل يرى أنه منفصل عن من سبقه بسبب فجوة المعرفة والرقمنة، رغم أن فارق السنوات الذي يفصلنا عن أطفالنا ليس كبيراً ولا يتجاوز العقدين، إلا أننا نقف عاجزين عن اللحاق بالتطورات المثيرة التي تشكل فكر الجيل الجديد وتوجهاته، أما الملل فهي حجة الهرب إلى الأجهزة، ملل من التلقين ومن المناهج المكررة ومن الأوقات التي لا تملؤها الشاشة لعباً أو متابعة أو تعلماً، أما العلوم فلا تمثل تحدياً، فـ«يوتيوب» يملك الإجابات عن كل سؤال يخطر بالبال، متفوقاً على محركات البحث والكتب، كمصدر للمعارف غثها وسمينه، لكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على التواصل عاطفياً ونفسياً ومنطقياً، فمَن يقوم بهذا الدور؟المخاوف كبيرة يطلقها الآباء والأمهات كلما باشرهم أبناؤهم بأسئلة من مثل: كم عدد الآلهة في الكون؟ من خلق الله؟ ولماذا نموت؟
حتى لا ينسلخ أطفالنا عن بشريتهم لا بُدّ من حلول قائمة على أرقام وإحصائيات دقيقة، وتعزيز لدور المعلم من خلال دعم تطوره العلمي والمعرفي، ومراعاة احتياجاته النفسية والذهنية كي يكون قادراً على أداء دوره، ودعم لصناعة محتوى متكامل داخل الشاشة وخارجها، وأخيراً تصميم برامج لتأهيل الآباء والأمهات للتعامل مع مجاهل المحتوى بطريقة أكثر حكمة واحترافية.