الاثنين - 23 ديسمبر 2024
الاثنين - 23 ديسمبر 2024

توجيه العمل الخيري

مررتُ ذات مرة بمشاكسَة افتراضية، أطلقها واحدٌ من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في أحد الحسابات الإخبارية، تعقيباً منه على خبر داخلي، يفيد بفوز أحد الأشخاص بسحب المليون دولار، وعلى ما أذكر، كان سحباً للسوق الحرة لمطار أبوظبي.

فكتب مخاطباً رواد الموقع: «أنا أريد أن أصبح مليونيراً !.. وجميعنا يمكننا أن نصبح من أصحاب الملايين!، فلو قام كل سكان دولة الإمارات بالتبرع لي بدرهم واحد، وكل واحد منا تبرع للآخر بدرهم، فبذلك سنصبح جميعنا مليارديرات !».

للوهلة الأولى حسبته معتوهاً، ولكن حينما قلبّت «عرضه» في رأسي، وجدت فيه الكثير من المنطقية، حقيقة لا نريد أن نصبح «مليارديرات» عبر الاستجداء ولو بدرهم واحد، ولكن بالمقابل لو بادر كل واحد منا بشكل طوعي، وقام بالاستغناء عن درهم أو درهمين أو خمسة دراهم، ووضعها في صندوق مخصص لمساعدة حالة إنسانية أو حالة اجتماعية تستحق الإعانة، وإن كانت تتمتع بالكثير مما يتمتع به الكثير منا من سبل العيش الكريم، ولكنها في جانب ما تجدها «معسرة»، وبسبب التعفف وقلة الحيلة وضيق ذات اليد، يؤثرون التكتم عن حاجتهم للمساعدة، في وقت باستطاعتنا مد يد العون لهم، في بادرة تعد من أسمى وأنبل صور البر والتكافل الاجتماعي على الإطلاق.

نتطلع لخطة وطنية لتوجيه العمل الخيري في الداخل، بفتح نوافذ جديدة ولفت المجتمع إليها

بما أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك وجب التذكير، فالكثير من أصحاب الأموال وللأسف الشديد اعتادوا على توجيه زكاة أموالهم وما تجود به أيديهم لوجهة معينة أو لأشخاص معلومين لديهم دون سواهم، بينما هناك العديد ممن يستحقون تلك الأموال مع ثبات الأجر والثواب، فمن يتابع البرنامج المباشر «استديو 1» يومياً على إذاعة أبوظبي، فسيجد أن هناك من الحالات المجتمعية «عاجزة» بشكل وبآخر عن الإنفاق، وبحاجة ماسة إلى المساعدة المالية، وهنا لسنا بصدد تقويض عمل المؤسسات الخيرية، ولكننا نتطلع إلى شراكات جديدة إلى جانب ما تضطلع به مؤسسات وهيئات العمل الخيري في الدولة من أدوار عظيمة وجليلة في مجالات العمل الإنساني على كافة الصعد سواء في الداخل أو على مستوى العالم.

نحن نتطلع لخطة وطنية لتوجيه العمل الخيري في الداخل، بفتح نوافذ جديدة ولفت المجتمع إليها، في أوجه وسبل قد تكون شبه غائبة عن الكثير من المحسنين من رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني أو حتى من الأفراد الميسورين الساعين في دروب الخير حيثما كان دون شروط أو تمييز، لطالما الغاية هي الأجر والثواب، لتحقيق الاكتفاء الداخلي وتكريس قيم التكاتف والتكافل الاجتماعي على نطاق أوسع، وأشمل، وأوجب.