الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

تسويق المؤثرين بين الحقيقة والتزييف..

يعيش مجتمعنا يومياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي قصصاً وحكايات تنشر عبر محتوى مقاطع الفيديو من قِبل المؤثرين والمشاهير في مختلف القنوات، ولنكون واقعيين لهم درجة تأثير كبيرة مهما كان مستوى النضج الفكري والتعليمي والإنساني لديهم، فهم مؤثرون حتى في المنزل وعلى الأطفال والأصدقاء في شتى جوانب الحياة.

يحدثني أحد الأصدقاء بأنه شاهد أحد مقاطع فيديو لأحد المشاهير المعروفين والذي يُفرش له البساط الأحمر في كثير من الفعاليات، يعلن فيه عن تملك إحدى الوحدات السكنية للمشاريع وكالعادة تبعه الغاوون وما أن تم التواصل مع الشركة وزيارة المشروع فإذا بها أرض قاحلة يعتليها بنيان يعد على الأصابع، لأن المشروع لم يكتمل! فرد الصديق قائلاً: المشهور قال لي الحق ما تلحق!

محتويات مؤثري التواصل الاجتماعي باتت تختلف من شخص لآخر وحسب الطلب في السوق، فلا تستغرب أن ترى مدخناً يظهر في محتوى عن أضرار التدخين، أو شخص سمين يعمل دعاية لمطعم صحي وما زال هو بنفس الوزن، فكثير من المحتوى مربوط بكم تدفع ولا يهم من يشاهد؟

المؤثرون أشخاص عاديون، ولكن نحن من صنعناهم ونحن من نسقطهم أيضاً، فالعاقل لا يمكن أن يصدق أو يتأثر بكل ما يشاهده



إن هذا السلوك اليومي بات مشمئزاً عبر قنوات التواصل الاجتماعي، فقط من أجل نقل صور متعددة من أشكال التسويق من بيع الشقق وزيارات عيادات التجميل وحتى بيع الأراضي في دولة أخرى، وكأنك تشتري سمكاً في البحر، وللأسف لو لم يجد المشهورون البيئة الخصبة للعقول الفقيرة لما استمروا في الطريق لو كانوا على علم بأن الكثير سوف يصدق، هناك أشخاص تراهم خلف الشاشة نبلاء وفي الواقع يبحثون عن جمهور حتى وإن كان مغيب العقل، فالمهم من يصفق لهم.

لسنا ضد جميع المؤثرين ممن يحمل رسالة حقيقية إيجابية يصدقها العاقل، وكما كنت أقول دائماً لأحد الأصدقاء عندما نتجادل حول مستوى قوة مواقع التواصل الاجتماعي، فأرد عليه بأنها تشبه لعبة كرة القدم تجتمع بها كل المستويات، فليس الجميع يلعب باحترافية، وبعضهم سيئ والبعض إما يلعب أو يجلس على دكة الاحتياط، لكن المهم أن يكون في الملعب.

المؤثرون أشخاص عاديون، ولكن نحن من صنعناهم ونحن من نسقطهم أيضاً، فالعاقل لا يمكن أن يصدق أو يتأثر بكل ما يشاهده وراء تلك الشاشات الصغيرة الذكية من خلال محتوى المؤثرين، إنهم مجرد بشر يقعون في الأخطاء والتزييف.

يستطيع البعض منهم ببعض القيم الأخلاقية أن يتخذ من هذه المنصات الاجتماعية منفعة للبشر، ويزيد الوعي وينقل العلم والمعرفة بصورة حقيقية تساهم في الحفاظ على مبادئنا وقيمنا الإنسانية.