2022-01-05
أصبح لزاماً على المؤسسات اليوم، وخاصة تلك التي تقع ضمن نطاق الدول المواكبة لركب التقدم والحضارة، الانتقال من النمط التقليدي إلى نمط الإدارة الحديثة، التي توظف كافة عناصرها بشكل ذكي يواكب متطلبات العصر فنجدها تستحدث أنظمة جديدة في تقييم الأداء ومسميات وظيفية أكثر تعقيداً في ظل الحاجة الملحة للتطوير وإدارات بمهام وألقاب حديثة على مفهوم الموارد البشرية النمطي ومنها «إدارة المواهب».
جامعة جونز هوبكنز عرفت إدارة المواهب بأنها «مجموعة من عمليات الموارد البشرية التنظيمية المتكاملة التي تهدف إلى جذب وتطوير وتحفيز، والاحتفاظ بالعاملين وتمكينهم أن يكونوا على درجة عالية من الإنتاجية». هذه الإدارات تخرج من نمط موظف مناسب لدور آني محدد، إلى موظف متعدد المهام مناسب للأدوار الحالية والمستقبلية، ولديه القابلية لتعلم المزيد وتلقي التدريب المستمر والتطور لخدمة أهداف المنظمة أو المؤسسة على مدى طويل. عُلِم.. لكن ماذا عن الواقع المعاش في ظل هذا التطور في المفاهيم الإدارية التي تسهم في تقدم و استدامة المؤسسات.. هل الموهوب وضع في مكانه الصحيح ؟ وهل حصل على فرصة وظيفية ملائمة لتخصصه ومستوى كفاءته وطموحه.. والموهوب هنا هل يستطيع الصمود في ظل مدير تقليدي يخشى على كرسيه تحيط به شلة مستحوذة على كافة الفرص التطويرية والقيادية؟ ولماذا ركن البعض للاكتفاء بالمتاح من المهام وعدم تقديم أفضل أداء؟
بما يجيب المرء حتى يجنب نفسه الصراعات الداخلية التي قد تضعه تحت دائرة الاستهداف من رؤوس أكبر في مؤسسته، تطحنه في العمل حتى يصاب بالاكتئاب الوظيفي ويلجأ في الأخير لتقديم استقالته.
نعم هذا واقع معاش في عدة مؤسسات وجهات تعتمد سياسة «التطفيش» بدلاً من الاستقطاب لضمان شواغر لغير أبناء البلد بحجة «لا مواطنين مؤهلين لهذا التخصص». إن الذي يحدث بعد استقطاب مهارات خارجية بمرتبات كبيرة و مزايا وظيفية «فاخرة»، أن ندخل من جديد في دوامة ضياع الأحقية ! نتيجة لذلك لجأ ذلك المسكين إلى تخصصات نادرة ومطلوبة تحاكي المتطلبات الجديدة، وأفنى من الوقت والمال ما أفنى، ليأتي بشهادة من جامعة عريقة محملاً بالأمل، وهو يطرق أبواب الجهات متخيلاً تسابقهم عليه لاستقطابه فتفاجأ بطابور انتظار، و رواتب متواضعة، فعاد خائباً محملاً بلقب: «over qualified».. «كفو أكثر من اللازم..». |