2021-11-17
في حديث جمعني بنخبة من الصحفيين ممن عاصروا الفترة الذهبية للإعلام، شعرت بالمأساة الحقيقية التي سببتها مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثيرها المباشر على هذا المجال بالتحديد، بعدما قضت تلك الأخيرة على هيبة الورق، وسلطة الإذاعة والتلفزيون.
كان الحديث مليئاً بذكريات النصر والانتصار، بين من يروي قصّة إحدى نشرات الأخبار التي أُذيعت يوماً ما، فحرّكت الرأي العام، ومن يتحدث عن قيمة الصحفي الذي كان يتم استقباله كأنه أحد رجال السلطة العليا، فقد كان واجهة الدول، صوته مسموع وحرفه مقروء من النخبة والعامة.
إنها فترة ذهبية، فقدت لمعانها مع مرور الأيام.. بعد أن أصبح مدون مواقع التواصل الاجتماعي يوضع في نفس الكفّة مع الصحفي المهني، وأصبح السّبق لا يؤخذ من المحترف، بل مُستباح من الجميع، يكفي وجودك في مكان الحدث، أو حتى امتلاكك مخيلة تختلق بها الأحداث وتروجها، بغض النظر عن صحتها، ومدى تأثيرها في المجتمع!
وعادت بي الذاكرة إلى فترة التسعينيات، وارتباطها بازدهار الإعلام التقليدي (كما يفضلون وصفه اليوم)، أتذكر جيداً دخول والدي المنزل الساعة الـ12 ظهراً كل يوم، يحمل بيده خبزاً وصحيفة، وكنا نجلس على طاولة الغذاء أمام «نشرة الظهيرة» التي كانت واجباً وفرضاً، نطّلع من خلالها على جديد الأحداث المحلية والعالمية.
وكان للإعلام الرزين، دور إخباري وتثقيفي كبير، داخل البيوت ووسط المجتمعات وحتى في المؤسسات، فتلك الصحيفة التي كان يحملها الوالد، كنت آخذها في فترة طفولتي وحتى المراهقة، لأقرا الصفحة الأخيرة، وأطلع على آخر أخبار الفن والثقافة، وكانت والدتي تتصفحها لتطلع على الملاحق، وكأن تلك المطبوعة تجمع الأسرة وتوحدها من أجل التثقيف.
توالت الأيام والسنوات، وتغيرت المفاهيم، وفقدت السلطة الرابعة بعضاً من سلطتها، وأصبح والدي يتصفح «الفيسبوك» بدلاً من الصحيفة، وأحياناً يقرأ معلومات أو أخباراً مغلوطة، تربكه وتثير لديه الشكوك، فأحرص مراراً على أن أوضح له، ليس كل ما نُشِر هناك حقيقياً، تلك الوسائل ليست مهنية، وليست مسؤولة عما يقال.
وأصبح الكل مُخوَّل لنقل الخبر، بمسؤولية وبدون، بعدما أزاح المدون والهاوي، الصحفي من مكانه، وتصدّر مختلق الشائعات المشهد، بعدما فقدت نشرة الأخبار أهميتها والصحيفة دورها، وأصبحت هواتفنا تنقل كل جديد، لا نعلم مدى صحته.. وقد أُسندت الأمور لغير أهلها ووقف الصحفي يتحسر على تاريخه، بينما الإعلام الجديد يعبث بما أُسند إليه.
كان الحديث مليئاً بذكريات النصر والانتصار، بين من يروي قصّة إحدى نشرات الأخبار التي أُذيعت يوماً ما، فحرّكت الرأي العام، ومن يتحدث عن قيمة الصحفي الذي كان يتم استقباله كأنه أحد رجال السلطة العليا، فقد كان واجهة الدول، صوته مسموع وحرفه مقروء من النخبة والعامة.
إنها فترة ذهبية، فقدت لمعانها مع مرور الأيام.. بعد أن أصبح مدون مواقع التواصل الاجتماعي يوضع في نفس الكفّة مع الصحفي المهني، وأصبح السّبق لا يؤخذ من المحترف، بل مُستباح من الجميع، يكفي وجودك في مكان الحدث، أو حتى امتلاكك مخيلة تختلق بها الأحداث وتروجها، بغض النظر عن صحتها، ومدى تأثيرها في المجتمع!
وعادت بي الذاكرة إلى فترة التسعينيات، وارتباطها بازدهار الإعلام التقليدي (كما يفضلون وصفه اليوم)، أتذكر جيداً دخول والدي المنزل الساعة الـ12 ظهراً كل يوم، يحمل بيده خبزاً وصحيفة، وكنا نجلس على طاولة الغذاء أمام «نشرة الظهيرة» التي كانت واجباً وفرضاً، نطّلع من خلالها على جديد الأحداث المحلية والعالمية.
وكان للإعلام الرزين، دور إخباري وتثقيفي كبير، داخل البيوت ووسط المجتمعات وحتى في المؤسسات، فتلك الصحيفة التي كان يحملها الوالد، كنت آخذها في فترة طفولتي وحتى المراهقة، لأقرا الصفحة الأخيرة، وأطلع على آخر أخبار الفن والثقافة، وكانت والدتي تتصفحها لتطلع على الملاحق، وكأن تلك المطبوعة تجمع الأسرة وتوحدها من أجل التثقيف.
توالت الأيام والسنوات، وتغيرت المفاهيم، وفقدت السلطة الرابعة بعضاً من سلطتها، وأصبح والدي يتصفح «الفيسبوك» بدلاً من الصحيفة، وأحياناً يقرأ معلومات أو أخباراً مغلوطة، تربكه وتثير لديه الشكوك، فأحرص مراراً على أن أوضح له، ليس كل ما نُشِر هناك حقيقياً، تلك الوسائل ليست مهنية، وليست مسؤولة عما يقال.
وأصبح الكل مُخوَّل لنقل الخبر، بمسؤولية وبدون، بعدما أزاح المدون والهاوي، الصحفي من مكانه، وتصدّر مختلق الشائعات المشهد، بعدما فقدت نشرة الأخبار أهميتها والصحيفة دورها، وأصبحت هواتفنا تنقل كل جديد، لا نعلم مدى صحته.. وقد أُسندت الأمور لغير أهلها ووقف الصحفي يتحسر على تاريخه، بينما الإعلام الجديد يعبث بما أُسند إليه.