من يدلنا على طريقة نستحضر بها أرواحاً اشتقنا إليها؟
لحظة.. أود أن تسأل نفسك ما إذا كنت ممن يندفعون في إطلاق الأحكام أم لا؟ لأنه قد يتبادر لذهنك سلسلة الانتقادات وربما الاتهامات بالإلحاد والشذوذ عن الملّة، فهذا مجرّد اختبار- عرضي- قبل المضي في تفاصيل هذه الجلسة، وإن كنت كذلك، هي فرصة لمراجعة نفسك والتريّث لاحقاً!
كنت أبحث عن جلسة شبه خيالية لا علاقة لها بالدجل أو الشعوذة، تستحضرها الذاكرة والشوق للماضي الجميل، باحثة بعيداً عن الأرواح التي تسكن الأجساد، إنما تلك التي سكنت الأماكن والأحداث، كتلك التي جمعت العائلة حول الحلقة الأخيرة لمسلسل «خالتي قماشة»، أو مسرحية المتزوجون، ضاحكين- رغم تكرارها عشرات المرات- من دون ملل.
فروح تلك اللحظات التي كانت تُهَندمنا بها أمي استعداداً لبدء بث قناة دبي في الساعة الرابعة عصراً، مستهلّين بقراءة القرآن ومن ثم أفلام الكرتون. لروح الحماس في محاولة حل ألغاز برنامج «المناهل» وحب استجماع المعلومة. وتلك الرحلة البرية التي دامت يومين على طريق السعودية والأردن، حيث الأرجل المتراصة ودفء التقارب بين الإخوة كجسد واحد.
فالتكنولوجيا بكل ما تقدمه من حداثة وسرعة في التطور هي يد ممتدة للحاق بالمستقبل، أما اليد الأخرى، فهي ما يجب أن تتشبث بكينونة الماضي ورونقه من أجل الحفاظ على توازن الحاضر وثباته في وجه تحديات العصر.
ربما لن نستطيع أن نسترجع كل ذلك سوى في مخيلاتنا، لكن يمكننا أن نفعل ما تنصح به «سيدني هاريس» حين قالت إن أفضل ما يمكن أن تمنحه للأولاد هو العادات الصالحة والذكريات الجميلة، فلربما هكذا يمكن لأرواح الزمان والمكان الاستمرار في الوالد والحضور.