2021-09-07
هل يمكننا الكتابة عن كورونا في زمن ظهورها؟
سؤال المسافة طرحه الكثيرون بحجة أننا لا نعرف المآلات، وبالتالي يجب الانتظار حتى يتضح أمر الجائحة مع أن هناك ثلاث إمكانات تتوفر للكاتب الروائي تحديداً.
إما الكتابة عن حالة وبائية مثلاً، بمسافة، أي بعد مرور عقود وسنوات وربما قرون.. كما كُتبَتْ روايات عن مقتل القياصرة في روسيا، بعد زمن من اغتيال عائلة رومانوف. كُتِبَ أيضاً عن طرد الموريسكيين من الأندلس بعد أربعة قرون. كتب باتريك رامبو ثلاثة أجزاء عن نابليون. كتب جورجي زيدان عن التاريخ الإسلامي بعد أفول تلك الحضارة، وهكذا.
لا مشكلة أبداً في الكتابة عن حدث مر عليه زمن طويل، نكتب في هذه الحالة ونحن ننصت للتاريخ بعين ناقدة، اعتماداً على الوقائع والسِير والمرويات. لكن يمكننا أيضاً أن نكتب عن اللحظة في عز تكونها واشتعالها وحدوثها، مثل كورونا، لأننا نعيش ظرفية وبائية استثنائية لا تتوفر دائماً.
لكن في اللحظة التي أكتب فيها عن الحاضر، فأنا مرتبط بسياقات الأوبئة، مثلاً قد أكتب عن عام الرمادة في عهد عمر بن الخطاب، وأستنجد بالمقريزي وهو يوصف طاعون ذلك الزمن، فما يبدو كتابة اللحظة هو ليس بالضبط كذلك، والمحدد في النهاية هو احترافية الكاتب إذ قد يتحول وباء كورونا مثلاً إلى مطية لوباء آخر، هو وباء الفساد والمخدرات والدكتاتوريات والإصغاء للتكسرات الخفية في الجسد العربي، بمعني أن الوباء يصبح ديكوراً لشيء أكبر.
يجب ألّا ننسى أننا بصدد رواية تخييلية، وليس يوميات يكون فيها الوفاء كبيراً لما يحدث أمام أعيننا. وهناك إمكانية ثالثة وأخيرة، قد يستبق فيها الكاتب الأحداث في science-fiction فيكتب رواية استشرافية عن وباء ساحق يمحو البشرية في زمن قريب أو متوسط، كما رأينا ذلك في الكثير من الروايات والأفلام العالمية التي أعيد بعثها من جديد بمناسبة انتشار وباء كورونا محققة مبيعات مرتفعة ومشاهدات كبيرة.
الفكرة العامة التي يمكن استخلاصها من هذا الحديث هي أنه لا قوة تمنع الرواية من التجلي معبرة عما يحيط بها من ظروف وأوبئة، إما بتحقيق المسافة الضامنة، أو بالاندراج في خضم التحولات المعيشة لتصبح الرواية أكثر من مجرد شهادة، أو يوميات، ولكن لحظة تعبير صادقة في عمق التحول، أو باختيار المسارات الاستباقية، فتتحدث الرواية عن أشياء لم تحدث بعد، قد تبدو غريبة في وقتها، لكن الزمن اللاحق إما يؤكدها أو يبين عدم جدواها. لا ممنوع في الكتابة، إلا احترام الفن الذي نشتغل فيه.
سؤال المسافة طرحه الكثيرون بحجة أننا لا نعرف المآلات، وبالتالي يجب الانتظار حتى يتضح أمر الجائحة مع أن هناك ثلاث إمكانات تتوفر للكاتب الروائي تحديداً.
إما الكتابة عن حالة وبائية مثلاً، بمسافة، أي بعد مرور عقود وسنوات وربما قرون.. كما كُتبَتْ روايات عن مقتل القياصرة في روسيا، بعد زمن من اغتيال عائلة رومانوف. كُتِبَ أيضاً عن طرد الموريسكيين من الأندلس بعد أربعة قرون. كتب باتريك رامبو ثلاثة أجزاء عن نابليون. كتب جورجي زيدان عن التاريخ الإسلامي بعد أفول تلك الحضارة، وهكذا.
لا مشكلة أبداً في الكتابة عن حدث مر عليه زمن طويل، نكتب في هذه الحالة ونحن ننصت للتاريخ بعين ناقدة، اعتماداً على الوقائع والسِير والمرويات. لكن يمكننا أيضاً أن نكتب عن اللحظة في عز تكونها واشتعالها وحدوثها، مثل كورونا، لأننا نعيش ظرفية وبائية استثنائية لا تتوفر دائماً.
لكن في اللحظة التي أكتب فيها عن الحاضر، فأنا مرتبط بسياقات الأوبئة، مثلاً قد أكتب عن عام الرمادة في عهد عمر بن الخطاب، وأستنجد بالمقريزي وهو يوصف طاعون ذلك الزمن، فما يبدو كتابة اللحظة هو ليس بالضبط كذلك، والمحدد في النهاية هو احترافية الكاتب إذ قد يتحول وباء كورونا مثلاً إلى مطية لوباء آخر، هو وباء الفساد والمخدرات والدكتاتوريات والإصغاء للتكسرات الخفية في الجسد العربي، بمعني أن الوباء يصبح ديكوراً لشيء أكبر.
يجب ألّا ننسى أننا بصدد رواية تخييلية، وليس يوميات يكون فيها الوفاء كبيراً لما يحدث أمام أعيننا. وهناك إمكانية ثالثة وأخيرة، قد يستبق فيها الكاتب الأحداث في science-fiction فيكتب رواية استشرافية عن وباء ساحق يمحو البشرية في زمن قريب أو متوسط، كما رأينا ذلك في الكثير من الروايات والأفلام العالمية التي أعيد بعثها من جديد بمناسبة انتشار وباء كورونا محققة مبيعات مرتفعة ومشاهدات كبيرة.
الفكرة العامة التي يمكن استخلاصها من هذا الحديث هي أنه لا قوة تمنع الرواية من التجلي معبرة عما يحيط بها من ظروف وأوبئة، إما بتحقيق المسافة الضامنة، أو بالاندراج في خضم التحولات المعيشة لتصبح الرواية أكثر من مجرد شهادة، أو يوميات، ولكن لحظة تعبير صادقة في عمق التحول، أو باختيار المسارات الاستباقية، فتتحدث الرواية عن أشياء لم تحدث بعد، قد تبدو غريبة في وقتها، لكن الزمن اللاحق إما يؤكدها أو يبين عدم جدواها. لا ممنوع في الكتابة، إلا احترام الفن الذي نشتغل فيه.