2021-08-25
القراءة فعل حر تماماً، هي عملية اختيار مطلقة، يمكن للإنسان أن يقرأ أو يتوقف بعض الوقت وقد يمتنع نهائياً عن القراءة، يقرأ نهاراً أو ليلاً، في المكتب أو المقهى وربما مضطجعاً في فراشه، هو كذلك يختار الكتاب الذي يريده والكاتب الذي يفضله والموضوع الذي يهواه.
قديماً ونحن تلاميذ صغار بالمدرسة كانت هناك تفرقة واضحة بين المقررات المدرسية ويطلق عليها «القراءة الإلزامية»، وهناك القراءة غير الإلزامية، وكان اسمها الرسمي «المطالعة الحرة».
الحرية أعظم ما يميز عملية القراءة غير أن بعض الكتاب والأدباء الناشئين وأحياناً غيرهم لا يدركون هذا البعد، ويتصور كل منهم نفسه أهم من نجيب محفوظ إذا كتب رواية، وأكثر إبداعاً من تشيكوف لو أنتج قصة قصيرة وأشد موهبة من شكسبير إذا قدم نصاً مسرحياً، وإذا لم ينجح العمل في التوزيع يسارع إلى اتهام القراء بالجهل وإهمال الثقافة ويلعن النقاد لأنهم لم يشيدوا بما كتب، ويمكن أن نتفهم ذلك بعض الشيء، لكن ما لا يمكن تفهمه هو ترهيب الناقد إذا أبدى ملاحظة سلبية حول العمل الأدبي.
لا أزال أذكر تهديداً مباشراً بمقاضاة ناقد كبير جدّاً، لأنه وصف رواية أصدرها كاتب متنفذ في منتديات «حقوق الإنسان»؛ بالركاكة الشديدة والضعف الفني؛ ربما كان هذا الترويع للناقد المسكين وغيره سبباً من أسباب عديدة لانصراف كثير من النقاد عن دورهم الأساسي.
لكن البعض من هؤلاء الكتّاب يحمل على الدولة ذاتها، فيطالبها بأن تقرر كتابه على تلاميذ المدارس والجامعات، وأن تقوم الجهات الرسمية بشراء الكتاب وتقديمه شبه مجاني للمواطنين، ولا يطرح أحدهم على نفسه أن القراءة فعل «حر» تماماً ولا يصح أن تتدخل دولة في قسر مواطنيها على قراءة كتاب بعينه، كما لا يخطر ببال أحدهم أن القارئ ربما لم يستسغ أسلوبه ولا الموضوع الذي اختاره، وأن المشكلة قد تكون فيه هو، وأنه يجب أن يراجع نفسه ويطور أدواته.
ذات مرة سألت نجيب محفوظ: ماذا لو فاجأك الناشر بأن رواية لك لم تجد إقبالاً من القراء؟
فرد بتلقائية: يجوز تكون المشكلة في العمل نفسه، وضرب مثلاً بروايته «الكرنك»، وقال كذلك قد يكون الموضوع صعباً على القارئ ودلل بروايته «السراب»، حين نشرت أول مرة.
البعض يتحدثون عن الحرية ويشكون ضيق مساحتها، بينما هم لا يقرون للقارئ، أي المواطن والإنسان العادي، بحريته وقراره المستقل في اختيار كاتبه.. الحرية والديمقراطية لا يهبطان من أعلى.
قديماً ونحن تلاميذ صغار بالمدرسة كانت هناك تفرقة واضحة بين المقررات المدرسية ويطلق عليها «القراءة الإلزامية»، وهناك القراءة غير الإلزامية، وكان اسمها الرسمي «المطالعة الحرة».
الحرية أعظم ما يميز عملية القراءة غير أن بعض الكتاب والأدباء الناشئين وأحياناً غيرهم لا يدركون هذا البعد، ويتصور كل منهم نفسه أهم من نجيب محفوظ إذا كتب رواية، وأكثر إبداعاً من تشيكوف لو أنتج قصة قصيرة وأشد موهبة من شكسبير إذا قدم نصاً مسرحياً، وإذا لم ينجح العمل في التوزيع يسارع إلى اتهام القراء بالجهل وإهمال الثقافة ويلعن النقاد لأنهم لم يشيدوا بما كتب، ويمكن أن نتفهم ذلك بعض الشيء، لكن ما لا يمكن تفهمه هو ترهيب الناقد إذا أبدى ملاحظة سلبية حول العمل الأدبي.
لا أزال أذكر تهديداً مباشراً بمقاضاة ناقد كبير جدّاً، لأنه وصف رواية أصدرها كاتب متنفذ في منتديات «حقوق الإنسان»؛ بالركاكة الشديدة والضعف الفني؛ ربما كان هذا الترويع للناقد المسكين وغيره سبباً من أسباب عديدة لانصراف كثير من النقاد عن دورهم الأساسي.
لكن البعض من هؤلاء الكتّاب يحمل على الدولة ذاتها، فيطالبها بأن تقرر كتابه على تلاميذ المدارس والجامعات، وأن تقوم الجهات الرسمية بشراء الكتاب وتقديمه شبه مجاني للمواطنين، ولا يطرح أحدهم على نفسه أن القراءة فعل «حر» تماماً ولا يصح أن تتدخل دولة في قسر مواطنيها على قراءة كتاب بعينه، كما لا يخطر ببال أحدهم أن القارئ ربما لم يستسغ أسلوبه ولا الموضوع الذي اختاره، وأن المشكلة قد تكون فيه هو، وأنه يجب أن يراجع نفسه ويطور أدواته.
ذات مرة سألت نجيب محفوظ: ماذا لو فاجأك الناشر بأن رواية لك لم تجد إقبالاً من القراء؟
فرد بتلقائية: يجوز تكون المشكلة في العمل نفسه، وضرب مثلاً بروايته «الكرنك»، وقال كذلك قد يكون الموضوع صعباً على القارئ ودلل بروايته «السراب»، حين نشرت أول مرة.
البعض يتحدثون عن الحرية ويشكون ضيق مساحتها، بينما هم لا يقرون للقارئ، أي المواطن والإنسان العادي، بحريته وقراره المستقل في اختيار كاتبه.. الحرية والديمقراطية لا يهبطان من أعلى.