الخميس - 28 نوفمبر 2024
الخميس - 28 نوفمبر 2024

علي درويش.. وأصحاب المشاريع الثقافية

فجعنا بخبر فقدان الساحة الثقافية للأستاذ علي درويش بن عمران الحلامي المستشار في الأرشيف الوطني بأبوظبي، والذي سعى طوال سنين حياته التي قضاها بين الكتب والمكتبات إلى تأسيس مكتبة خاصة متخصصة بتاريخ الخليج العربي، وهي واحدة من أغنى المكتبات في الدولة.

بفقد أبي نوّاف علي درويش ندق ناقوس الخطر مرة أخرى لحكومتنا الرشيدة لاستحداث برنامج حكومي لمتابعة ورعاية المواطنين الإماراتيين، الذين يتكفلون بمشاريع ثقافية بدافع شخصي واهتمام خاص ومخلص، فهذه القلة القليلة والتي بدأ بعضها قبل الاتحاد والبعض الآخر مع انطلاقته المباركة، بدووا بمبادرات شخصية ثقافية تستحق برنامجاً حكومياً خاصاً يتابعها ويرعاها ويقدم الدعم المالي لها.

أصحاب المشاريع الثقافية في الدولة قليلون، فجل الاهتمام هنا عند الرجال والنساء والشباب والشابات لا يتعدى التجارة والموضة والمطاعم والرياضة، أما المشاريع الثقافية التي تعنى بالمكتبات المتخصصة والموسوعات والقواميس وسلاسل الكتب فهي من النوادر، لأن الثقافة مشروع أمده طويل ونتائجه تتأخر مقارنة بغيرها، والثقافة جذوة من ذخائر العقول التي يمكن تشبيهها بزراعة الأشجار المعمرة التي يتوجب رعايتها طويلاً والعناية بها بشكل خاص لكن نتائجها ستبقى لأزمان طويلة أيضاً.


الساحة الثقافية حزينة جداً على فقد الأستاذ علي درويش، فمكانته كبيرة ومكانه لن يملأه غيره، فقد كان حجة في الكتب وأيقونة المعارض يتنقل بين المعارض بحب وشعف، تجده في الشارقة وأبوظبي وسلطنة عمان وغيرها من المعارض، شعاره ابتسامة ورسالته نصيحة قيّمة لاقتناء كتاب مهم ومفيد، كما أنه كان على وشك الإعلان عن افتتاح مكتبته الخاصة المختصة بتاريخ الخليج العربي، وقد بنى لها بناء خاصاً في بيته، متمنياً أن تفتتح تلك المكتبة تحقيقاً لحلمه.


حقاً أتمنّى أن يُعلن عن برنامج حكومي كبير يتدارك من رحلوا، ويهتم بالبقية من أصحاب المشاريع الثقافية (مكتبات متخصصة، موسوعات، سلاسل كتب، قواميس، معاجم، وغيرها)، فيقدم لهم دعماً ماديّاً، ويتم تحسين معيشتهم، فلهم حاجات وحاجات من مسكن ملائم، ووسائل معيشة ذات قيمة، وأجواء ملائمة كبيوت الكتّاب ومرافق إبداعية وغيرها، ويُتكفل باحتياجاتهم حتى يتموا مشاريعهم، ثم يتم تحفيزهم لإنجاز مشاريع أخرى، ترفع من شأن الثقافة الأصيلة، وتحفز الآخرين ليحذوا حذوهم.