الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

المتحف الوطني العُمَاني

المتاحف بحسب (فليب كونتبلوا) هي «ذاكرة البشرية»، ولهذا فإنها تحفظ هذه الذاكرة عن طريق الدور الذي تؤديه خلال التسجيل والحفظ والصيانة والتحليل أي ما يُعرف بـ(الصون)، ولهذا فإن المدن الكبرى تُعرف بمتاحفها المتنوعة التي تحفظ ذاكرة الإنسان، وتؤرخ تطوره الحضاري المستمر.

لقد اعتنت سلطنة عمان بالمتاحف عناية خاصة، كما تعرفنا على ذلك في مقال سابق، إلا أننا نخصص هذا المقال للحديث عن المتحف الوطني باعتباره صرحاً فنيّاً معماريّاً يحفظ ذاكرة الإنسان العماني وحضارته، التي تعود إلى ما قبل التاريخ.

فعلى الرغم من أن المتحف الوطني العماني جاء متأخراً مقارنة بالعديد من المتاحف الأخرى التي تم إنشاؤها منذ الستينات والسبعينات، إلا أنه يمثل فارقاً في تطور الثقافة المتحفية من حيث الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي، والتقنيات الحديثة المتقدمة، ووسائل الحفظ والصون الوقائي، بل من حيث موقعه أيضاً؛ حيث يقع في قلب العاصمة مسقط مقابل قصر العلم العامر مباشرة.


يتكون المتحف الوطني العماني من أكثر من 13 قاعة متحفيَّة، يتخصص كل منها في قصة سرد مُتحفي معينة من خلال عرض مجموعات معينة من الحضارة العمانية كقاعة الأرض والإنسان، وقاعة التاريخ البحري، وقاعة السلاح، وقاعة المنجز الحضاري، وقاعة الأفلاج، وقاعة العملات، وقاعة الحقب الزمنية، وقاعة بات والخطم والعين، وقاعة أرض اللبان، وقاعات ما قبل التأريخ والعصور القديمة وغيرها، وهي قاعات شاسعة تحوي كل منها مئات المقتنيات النادرة والثمينة.


وإضافة إلى تلك القاعات كلها، أعلن المتحف الوطني عن إنشاء قاعة سلطانية مطلة على قصر العلم العامر، مُخصَّصة لقصة سرد متحفية خاصة بسيرة السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله تعالى؛ من خلال عرض لمقتنياته الشخصية الثمينة، وتلك الهدايا النادرة التي أُهدي إياها من قِبل ملوك العالم وسلاطينه، إضافة إلى الدروع والأوسمة.

وقد تضمِّن المتحف نسخة طبق الأصل من الرسالة الموجهة منه لأعضاء مجلس العائلة المالكة العمانية عبر مجلس الدفاع، بشأن من يخلفه في حكم البلاد.

ولعلَّ ما يلفتُ الانتباه في المتحف الوطني العماني هو ذلك الدور الثقافي الذي يقدمه للمجتمع من خلال مجموعة من البرامج الثقافية الموجهة إلى الأطفال والناشئة والكبار؛ حيث يقدم من خلال مركز التعلم أنشطة وفعاليات متنوعة تخدم الثقافة المجتمعية بتنوعها، ويستضيف بين جنباته مجموعة من الباحثين، والكُتَّاب، والفنانين وغيرهم، بُغية إثراء المجتمع، وتقديم آفاق جديدة للثقافة في عُمان من ناحية، وأدوار تشاركيَّة في التنمية الثقافية.