الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

الحرب الباردة تطرق الأبواب!

تهتم معظم وكالات الأنباء بالصراع القائم بين روسيا والغرب على الساحة الأوكرانية، معتبرين ذلك بمثابة المواجهة التي ستغيّر وجه العالم، بينما هناك نوع من التنافس الشديد الذي قد يتحول إلى صراع لا يقل أهمية، وقد يكون حرباً باردة جديدة، وهو السباق الممتد من المحيط الهادئ حتى المحيط الهندي بين الولايات المتحدة والصين.

تستنفر الولايات المتحدة للحفاظ على نفوذها القوي وهيمنتها، وذلك بعد صعود الصين ومنافستها اقتصادياً، وأول مناطق المواجهة وأكثرها أهمية هما المحيطان الجنوبيان، اللذان تتواجد فيهما دول ذات ثقل اقتصادي كبير يمثل 40%؜ من الاقتصاد العالمي، تشمل الصين والهند واليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية وغيرها، تتميز باتصالها المباشر ببعضها عبر سواحل مفتوحة، ما يسمح بمرور معظم التجارة العالمية عبر خطوط الملاحة البحرية بينها بسلاسة، ناهيك عن عيش نصف سكان الكرة الأرضية في هذه المنطقة، ما يجعلها سوقاً استهلاكياً ضخماً يتصاعد فيه النمو بشكل كبير، بالإضافة إلى الملايين من الأيدي العاملة الرخيصة توفرها تلك الدول للشركات بمختلف جنسياتها.

أول مناطق المواجهة وأكثرها أهمية هما المحيطان الجنوبيان اللذان تتواجد فيهما دول ذات ثقل اقتصادي كبير يمثل 40%؜ من الاقتصاد العالمي

تتقدم الولايات المتحدة على الصين بنفوذها القديم، وعلاقاتها الاستثنائية مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، والإرث بميل دول أخرى للمعسكر الغربي، وزادت ذلك بتحالف أوكوس مع بريطانيا وأستراليا، وبما أن حجم وارداتها من الصين يقدر بـ700مليار دولار، فهي تارة ترفع ضرائبها وتارة تزيد اشتراطاتها، واليوم تضغط وبشدة مستغلة ورقة تايوان المزعجة لبكين التي تعتبرها مسألة حساسة جداً بشأن أمنها القومي ووحدة أراضيها.

في الوقت نفسه تصاعدت حدة اللهجة الصينية، فقد قال وزير الخارجية الصيني لنظيره بلينكن، في أول لقاء بينهما، إن واشنطن لم تعد بموقف قوي لكي تهدد الصين، وأعلنت صراحة أنها لن تتردد بالتحرك عسكرياً تجاه تايوان إذا تجاوزت الخطوط الحمراء، وشاهدنا بكين تتموضع استراتيجياً، ووقفت على باب أستراليا بتوقيعها اتفاقية أمنية مع جزر سليمان، جعلت وزير الدفاع الأسترالي يهرول للقاء نظيره الصيني.

كما أن نسبة إنفاقها العسكري تجعلها الأعلى عالمياً، ومع ارتفاع نسب التضخم العالمية يرجح البعض أن الإغلاقات الحالية في الصين هي مجرد وسيلة ضغط لزيادة سوء الوضع الاقتصادي للدول الغربية، كل ذلك يتزامن مع تعزيز استقلالية دول مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا، ودول الخليج العربي عن الهيمنة الغربية، ودعم تحالفات وأفكار ومنظمات مثل بريكس وغيرها، أدوات مختلفة تستغلها بكين ببراغماتية عالية، وخلال العقد القادم سنشهد تصاعد التنافس لأقصى مدى، والذي نأمل ألا يتحول إلى صراع بين أكبر قوتين حالياً، فالعالم لا يتحمل المزيد من التوترات.