النظام العالمي «الجنين»
يُجمع المراقبون والمفكرون والمحللون السياسيون بأن النظام الدولي يمر بمرحلة انتقال من نظام القطب الواحد (الذي بدأ في بداية التسعينات من القرن الماضي)، إلى نظام دولي جديد لم تتضح ملامحه بعد، هنالك من يرى بأن النظام العالمي الجديد ما زال جنيناً في المراحل الأولى، لذا لا يمكن تحديد (جنس) النظام الجديد حتى يكتمل نموه الطبيعي، ويتشكل حسب المعطيات والتطورات العالمية المعقدة، لنتمكن من معرفة ما إذا كان متعدد الأقطاب أم ثنائي وربما أحادي.
الكثير من الأحداث العالمية تعطي مؤشرات على نهاية عصر الهيمنة الأمريكية الوحيدة على النظام الدولي وانتهاء نظام القطب الواحد، منها ما هو أمريكي كانسحابها المفاجئ من أفغانستان، وفقدان ثقة حلفائها بها بسبب سياساتها ومواقفها غير الواضحة أحياناً وغير المبررة أحياناً أخرى، هذه المواقف وغيرها تعني أن القوة العظمى لا تقوم بواجباتها وأدوارها الدولية، بالتالي تؤثر على مكانتها وسيطرتها الدولية وتفقدها الثقة الدولية بها، بالإضافة إلى انحسار القيم الأمريكية في الداخل الأمريكي، ما يؤثر على دورها العالمي.
كذلك التطورات والأحداث العالمية التي أثرت على الهيبة الأمريكية بسبب مواقفها السلبية أو حيادها غير المبرر، نذكر منها الموقف الأمريكي ما يسمى «الربيع العربي» وما حمله من خراب ودمار على الدول التي عانت منه، وتعاطفها مع الجماعة التي تزعمت ثورات الخراب في الدول العربية رغم علمها بأنها تنظيم يحمل فكراً إرهابياً تخريبياً، وأن معظم التنظيمات الإرهابية التي تدعي الإسلامية قد خرجت من تحت عباءته.
وفي الجانب الآخر الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيتها الدولية سياسياً واقتصادياً، والرغبة الروسية بالعودة كقوة عالمية مؤثرة والحنين للإرث السوفييتي، والصين القادمة والحاضرة بقوة من خلال الاقتصاد والمشاريع التنموية في العديد من الدول ومشاريعها المشتركة التي تحمل فكر التعاون والفائدة للجميع، وحضور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ليكون أحد أهم عناصر ومعايير النظام الجديد، ونضيف وجود عدد من الدول كالهند التي ترغب في لعب دور دولي من خلال إقليمها، وهي اليوم حاضرة وبقوة في عدد من الملفات.الهيبة الأمريكية تأثرت بسبب مواقفها السلبية أو حيادها غير المبرر.. نذكر منها الموقف الأمريكي مما يسمى «الربيع العربي»
يرى بعض المراقبين بأن النظام الدولي القادم لن يكون أحادي القطبية «يجزمون بذلك» لكن هل سيكون ثنائي القطبية؟ كما كان أم سيكون متعدد الأقطاب والمرشحون له أمريكا «التي ستكون حاضرة لعدة عقود كما تقول التوقعات» والصين القوة الاقتصادية وروسيا، أم سيكون النظام العالمي الجديد نظام غير تقليدي كأن يكون نظاماً عالمياً قارياً متعدد الأقطاب، أي يتكون من القطب الأنجلوسكسوني بزعامة أمريكية والقطب الأوروبي بزعامة فرنسية ألمانية والقطب الآسيوي بزعامة صينية، بالإضافة إلى قوى إقليمية.