الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

في الحرب.. الجميع يتحمل المسؤولية!

لا شك أن الحرب الروسية - الأوكرانية تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وما جعل تأثير هذه الحرب كبيراً هو توقيتها الذي فاقم العديد من المشاكل الاقتصادية الضخمة الموجودة أصلاً، وضاعف من حدتها بشكل كبير، فمهما كانت مبررات روسيا حول عمليتها العسكرية، ومهما كانت مبررات الغرب بفرض هذا الكم الهائل من العقوبات، فإن التاريخ سيلوم جميع الأطراف المتنازعة كأسباب رئيسية مكملة لما يحدث من أزمات اقتصادية.

بدأت هذه الأزمات بضعف الاستثمار في مصادر الطاقة، ثم إغلاقات غير متوقعة بسبب جائحة كورونا، تلاها نقص في المعروض مقابل ارتفاع هائل في الطلب، وضعف في سلاسل الإمداد، ما سبب ارتفاعات غير مسبوقة لأرقام التضخم حول العالم أجمع، لم تشهدها دول عديدة منذ عقود. حاول الاقتصاد العالمي مقاومة هذا الضغط وتجنب تداعياته، وبدأ بالتعافي نسبياً، حتى جاءت الأزمة الروسية – الأوكرانية.

يُقدّر البنك الدولي الانكماش الاقتصادي لأوكرانيا بـ45%؜ هذا العام، وتتحدث بعض الإحصائيات أن خسارة أوكرانيا المجملة حتى الآن تصل إلى 700 مليار دولار، ما بين خسائر اقتصادية وعسكرية وبنية تحتية وتهجير ونزوح حوالي 10 مليون شخص ومئات القتلى، كما أنها فقدت90%؜ من صادرات الحبوب، وهي السلعة الأهم التي تصدرها ويتأثر بها العالم، كل ذلك في 45 يوماً فقط منذ بدء العملية العسكرية.

شخصياً أرى أن اللوم يقع على الجميع في الأزمة الروسية – الأوكرانية، وإن بنسب متفاوتة

لا يبدو أن الحرب قريبة النهاية، فلا روسيا ستتراجع، ولا أوكرانيا ستستسلم، ولا الوساطات مُقنعة مع دول غربية تُغذي كييف بالأسلحة بحجة مساعدتها على المقاومة، ويبقى الفرد الأوكراني هو الضحية في النهاية بلا حول ولا قوة

بعد عقود من الآن، سيذكر التاريخ هذه الحرب، وسيُسجل الأوكرانيون تفاصيلها، فهل سيلومون رئيسهم الذي لم يتدارك الحرب ويُقدم ما يمكن أن يجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُزيح فكرة الغزو؟ أم سيلومون بوتين الذي انتهك سيادتهم ودمّر أرضهم وقتل مواطنيهم؟ أم سيلومون الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص التي وعدتهم وشجعتهم على الانضمام لحلف الناتو، ثم تخلت عنهم وتركتهم يواجهون الآلة الحربية الروسية الفتاكة بمفردهم؟

شخصياً لا أزال أرى أن اللوم يقع على الجميع، وإن كان بنسب متفاوتة، وبالطبع لكل طرف أعذاره من منطلق مصالحه القومية، فالسياسة في النهاية تُدار بالمصالح، أما بقية العالم فسيلوم نفسه؛ لأنه لم يستعد لمثل هذه الأزمة، ولم يكن مرناً بما فيه الكفاية لاستيعاب حرب أو تجنب عقوبات تعسفية تجعله على حافة الهاوية، ويكون الحال بين أعلى تضخم في التاريخ الحديث، ومنتظراً أكبر كساد عرفه الاقتصاد العالمي.