الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

بايدن.. عندما يصف بوتين

لغة الخطاب الإعلامي التي يستخدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ويصفه أحياناً بأنه مجرم حرب، ومرة بأنه جزار وغير ذلك من الأوصاف، لا تتناسب وسعي العالم نحو التهدئة في الأزمة الأوكرانية، فكما هو معروف بأن أحد شروط التهدئة في أي أزمة تبدأ بالتهدئة الإعلامية.

إذا أحسنا الظن بأن بايدن منفعل في تصريحاته ضد بوتين وأنه غاضب بصفة شخصية بسبب ما يحدث في أوكرانيا من مآسٍ إنسانية وبالتالي تصريحاته الارتجالية هي نوع من التعبير عن ذلك الغضب، ففي هذه الحالة نكون أمام سؤال مهم وكبير مفاده: أين مستشارو الرئيس والخبراء السياسيون والإعلاميون في الإدارة الأمريكية كي يخبروه عن حالة التدهور الدبلوماسي الذي يمكن أن تسببه مثل هذه التصريحات، لأن الأغلب من العالم بدأ يقتنع بأن هذه حرب أمريكية-روسية، وأوكرانيا التي يزداد رئيسها زيلينسكي خيبة أمل من مواقف الغرب مع مرور الوقت دون أي محاولة لإيقاف الحرب أو دعمه بما يتناسب وحجم الوعود التي يتلقاها.

استغراب بعض حلفاء أمريكا وخاصة فرنسا من تكرار تصريحات بايدن المستفزة لبوتين، تؤكد أنه في حال انشغال العالم بالبحث عن أساليب لإيقاف هذه الحرب المأساوية وتداعياتها الدولية على الطاقة والغذاء والاستقرار العالمي تبدو الإدارة الأمريكية وكأنها تلهي المراقبين بالأزمة لتحقيق أهدافها الخاصة ومنها على سبيل المثال العمل لإنهاء تفاصيل الاتفاق النووي مع إيران، الذي بات يعتقد أنه في مراحله النهائية رغم عدم اعتراف مسؤولي الإدارة الأمريكية صراحة بذلك.

ليس واضحاً حتى الآن وبشكل عملي إن كان الرئيس الأمريكي يسعى حقيقة لإنهاء الأزمة الأوكرانية

يبدو كذلك أن الإدارة الأمريكية ترغب في إغراق بوتين أكثر في أوكرانيا لدواعي استنزاف روسيا اقتصادياً وعسكرياً وحتى دبلوماسياً، وهي تعمل على الرهان بإطالة الأزمة قدر المستطاع، أما الحديث عن الآلام والمآسي الإنسانية فهي لاستعطاف الرأي العام العالمي وللاستهلاك الإعلامي لا أكثر.

ليس واضحاً حتى الآن وبشكل عملي إن كان الرئيس الأمريكي يسعى حقيقة لإنهاء الأزمة الأوكرانية أو مساعدة رئيسها في الخروج من هذه الحرب بأقل الخسائر، فطريقة إدارته للأزمة لا توحي بذلك وإنما تؤشر على تصعيد واستفزاز الروس والرئيس بوتين تحديداً، ويمكن سرد مفردات كثيرة لا ترقى إلى لغة التهدئة المطلوبة ولا تناسب دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا، يجب أن يعرف بايدن أن التصريحات التي تمس السياسة الخارجية وتأثيراتها على العلاقات الدولية وبالأخص فيما يتعلق بمخاطبة أو وصف رؤساء الدول بصفات سلبية تختلف تماماً عن التصريحات المتبناة في الانتخابات الرئاسية.