لن نخوض مغامرة وضع سيناريوهات انتهاء الأزمة الأوكرانية، أو «الأزمة الروسية – الأمريكية»، لأن كل شيء وارد فيها، ولا سيما إنها لم تبدأ حتى تعود الأمور كما بدأت، وأي اتفاق لإنهاء الأزمة سيكون هشاً ومجرد ستار للاستمرار في تحقيق الأهداف بالخفاء والمؤامرات، إذا فشلت المواجهة الحالية في حسم الأهداف المعلنة.
تخضع هذه الأزمة لمبادئ وقناعات فردية عند بعض أطرافها، وعندما ترتبط أية أزمة بتفكير أو بمبادئ شخص واحد فإن نهايتها تكون مختلفة عن الأحداث التي تلعب القرارات المؤسسية دور الفصل فيها، ذلك أن القرارات الفردية كثيراً ما تخالف التوقعات الطبيعية، ما يجعلها تتحول لـ «بازار» يعرض كل من يشارك فيه إمكانياته ومواقفه وأدواره، رغم أن الكثير من تلك المعروضات لم تكن في الحسبان عند بدء الأزمة.
وبما أن المهم ليس إن كانت الدجاجة هي التي جاءت بالبيضة أم أن البيضة أوجدت الدجاجة، كذلك ليس مهماً إن كان الاقتصاد هو المحرك للسياسة أم أن العكس صحيح.
الأزمة الأوكرانية تترجم ذلك بعد أن أصبحت سوقاً مفتوحاً لكل من يعرض بضاعته السياسية والاقتصادية، وقد يزيد روادها بناء على دور وموقف الصين في تطبيق أية عقوبات ضد روسيا، كما ستكون بعض الدول في موقف محرج، ما سيفتح الباب لعرض المواقف لتخرج تلك الدول بأقل الأضرار، بينما سيلهم طمع بعض الدول لاستغلال الفرص التي سيقدمها بازار الأزمة.
ستسفر هذه الآزمة عن بعض ملامح مستقبل السياسات المقبلة، فهل سيغري بازار الأزمة دولاً وشخصيات عالمية غير تقليدية لنزع فتيل الحروب المباشرة؟
من الطبيعي أن الأسلحة وأنواعها لها متابعوها ومراقبوها، لأن الأزمة معرض طبيعي وحي تختلف عن المعارض الموسمية التي يتم فيها عرض العتاد العسكري دون إراقة قطرة دم واحدة أو تغيير في أي شبر من أراضي الدول، كما أن سلاح التقنيات لا سيما الشفافة غير المرئية ستكون تحت اختبار حقيقي في مدى تأثيرها على الأحداث.
الأزمة الأوكرانية هي سوق للمفاجآت الدراماتيكية والتي ستعتمد على الأقدار المفتعلة، كدور العملاء في تحقيق المفاجآت أو دور الدبلوماسية غير التقليدية في تحقيق هدنة يحتفظ كل طرف بصورته القوية على حساب أطراف لم يكن يتوقع أن تباع في بازار المصالح الضيقة للكبار.
ستسفر هذه الآزمة عن بعض ملامح مستقبل السياسات المقبلة، فهل سيغري بازار الأزمة دولاً وشخصيات عالمية غير تقليدية للعب دور في التهدئة وعقد الاتفاقيات ونزع فتيل الحروب المباشرة، بعد أن باتت الأدوار التقليدية لحل الملفات الدولية متورطة في هذه الأزمة؟