الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

التوترات الجيوسياسية.. وحساسية أسواق المال

2022 بدأ بمخاطر التضخم وتوقعات بتشديد وشيك وسريع للسياسة النقدية، تأتي هذه التوقعات بعد إجراءات واسعة قامت بها البنوك المركزية في مواجهة الجائحة عندما قامت بتخفيض أسعار الفائدة لمستويات قريبة من الصفر بالإضافة لعمليات تحفيز الاقتصاد عبر شراء الأصول والأوراق المالية من الأسواق، صاحب ذلك عمليات إغلاق كبيرة للحد من انتشار الجائحة، هذا الوضع المعقد في الأسواق والاقتصاد ومؤشراته والبنوك المركزية وسياساتها لا تحتمل صدمة جديدة وإن كانت عابرة مثل ما تترقبه الأسواق الآن من تداعيات النزاع الروسي– الأوكراني.

أسواق المال العالمية شديدة الحساسية مع التوترات الجيوسياسية وتترقب تأثيرات هذا التوتر على أسعار النفط وعلى خطط البنوك المركزية بشأن السياسات النقدية. والقياس لهذا الأثر هنالك عدد من النماذج تقيس درجة المخاطر الجيوسياسية منها قياس مؤشر المخاطر الجيوسياسية GPR في هذا القياس يتم تحديد الأثر عن طريق التركيز على ثلاثة مكونات رئيسية، هي تحديد نوع الخطر وقياس الخطر وتأثير الخطر على أسواق المال العالمية، سوف نركز هنا على مخاطر اجتياح أوكرانيا وتأثيره هذا التوتر الجيوسياسي على الأسواق، تاريخياً حسب دراسة أعدها مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي فإن التأثير الجيوسياسي على الأسواق المالية العالمية خلال الأربعة عقود الماضية حدث ثلاثة مرات، الأولى إبان حرب الخليج والثانية عند أحداث الحادي عشر من سبتمبر والثالثة كانت في 2003 عند اجتياح العراق.

باستخدام مؤشر الـGPR نجد أن الأسواق تستشعر الخطر من خلال تتبع تغطية وسائل الإعلام لإمكانية اجتياح أوكرانيا عبر خوارزمية مخصصة لقياس كثافة عناوين الأخبار

باستخدام قياس مؤشر الـ GPRوالمكونات الثلاثة، تحديد الخطر هو حدوث اجتياح روسي لأوكرانيا وقياسه هذا الخطر يتمثل في تتبع تغطية وسائل الإعلام للحدث عبر خوارزمية مخصصة لقياس التغطية ويتضح من كثافة عناوين الأخبار ومانشيتات الصحف أن الأسواق المالية العالمية تستشعر هذا الخطر الوشيك، وبشكل عام عند حدوث توترات جيوسياسية تحدث عملية تحوط واسعة في الأسواق العالمية حيث تتحرك السيولة داخل المحافظ الاستثمارية من الأصول ذات العوائد وعالية المخاطر مثل الأسهم إلى أدوات التحوط الكلاسيكية المعروفة (السندات الحكومية والذهب ومؤخراً بدأت البتكوين تلعب هذا الدور).

سوق سندات الخزانة الأمريكية بدأ يعطينا بعضاً من إشارات هذا الاتجاه، حيث تسطح منحنى العائد، وتسطح المنحنى يعني أن السندات قصيرة الأجل تتعرض لموجة بيع مما يقود لارتفاع العائد عليها بوتيرة أسرع من السندات متوسطة وطويلة الأجل، وهذا يعني أن المستثمرين قلقون بشأن وضع الاقتصاد على المدى القصير، ويتخلصون من السندات قصيرة الأجل ويقبلون على شراء السندات متوسطة وطويلة الأجل.

أيضاً الارتفاع الكبير للذهب خلال هذه الفترة إشارة واضحة على قلق المستثمرين ورغبتهم في التحوط مخافة أن تتراجع الأسواق المالية العالمية.