الاحد - 22 ديسمبر 2024
الاحد - 22 ديسمبر 2024

من بين الأشقاء.. لماذا الإمارات؟

الأمر البديهي الذي لا يغفلُ عنه غافلٌ فيما يخصُّ الأزمة السورية، يتجلى من الحقيقة الثابتة التي تقضي بأنّ سوريا جزءٌ لا يتجزأ من الكيان العربي، ولا حلّ لأزمتها خارج الدائرة العربية المرتبطة بها عضوياً، فلا يمكن فصمها مهما عصفت ريح المحن بسفنها، كما لا براءَ لشقيقاتها منها مهما اختلفت وجهات النظر أو تباعدت الرؤى.

ذلك كله، يتضح اليوم من خلال سعي دمشق أكثر من أي وقتٍ مضى لأهمية مدّ الجسور مع أشقائها، إدراكٌ يُترجمه الاتصال الهاتفي المباشِر الذي تلقاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من الرئيس السوري «بشار الأسد»، حيث تحدَّثا خلال الاتصال عن مستجدات الأوضاع في المنطقة وتطوراتها فيما يخص القضية السورية، ولكن السؤال المطروح في هذا المقام: لماذا تبدأ سوريا من الإمارات العربية المتحدة؟ والإجابة عن هذا السؤال تأتّى من مكانة دولة الإمارات المرموقة على أصعدة ثلاثة:

أولاً، تحظى دولة الإمارات قيادةً وشعباً باحترامٍ شعبيٍّ فائق على المستوى السوري، جرّاء مواقفها الداعمة لإحلال السلام وسعيها الدؤوب لتمكين الحوار بين الأطراف الفاعلة على الأرض، ورفضها لتدخل الأيدي الخارجية والأجندات المفروضة على حساب دماء السوريين ومقدراتهم، عدا عن مساندتها الدائمة لهم إنسانياً واقتصادياً.


ثانياً، اتسمت السياسة الإماراتية إقليمياً بالتوازن والسعي الحثيث حقناً للدماء وإرساءً للأمن في الأزمات التي عصفت بالمنطقة على مدى عقدٍ، سياسةٌ قلّ نظيرها في الآونة الأخيرة، جراء بحث الجميع عن مصالحهم على حساب الشعوب والدول، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات ضامناً مقبولاً عند الجميع لكل من يريد فتح قنوات اتصالٍ مع محيطه.


ثالثاً، في ظل الأزمات المتشعبة والمعقدة التي شهدتها المنطقة مؤخراً؛ تغيرت صور التحالفات الدولية، ففقدت الكثير من دول المنطقة فاعليتها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، إلا أنّ الإمارات من الدول القليلة التي استطاعت بسياستها الواضحة ونهجها المتأصل على رأب الصدوع أنْ تكونَ قادرةً على لم شمل القوى المتنافرة.

كل ذلك يؤكِّد أنّ دمشق اليوم قد طرقت الباب الصحيح لتدخل إلى الملاذ العربي عبر أشقائها في «أبوظبي» ثمّ ستفضي بها البوابةُ العربية إلى المنظومة الدولية؛ بما يضمن وضع حدٍّ لمعاناة السوريين الأمنية والسياسية والاقتصادية وفق مصالح سوريا والسوريين.