الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

الطرف الرابع لتسوية المنازعات

في مطلع هذا الشهر، كان المجتمع الدولي لتسوية المنازعات على موعد مع النسخة الافتراضية لمنتدى «أسبوع سنغافورة 2021»، وهو محفل استقطب أكثر من 4000 مشارك ينتمون إلى 100 دولة، من مسؤولين حكوميين ومحكمين ووسطاء ومحامين وأكاديميين وباحثين يمثلون (15) شريكاً دولي. وشارك متحدثون من (20) دولة، عبر (7) جلسات تفاعلية، رسموا خلالها ملامح النسخة المقبلة من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في عالم متغير ووسط توقع بازدياد المنازعات المدنية والتجارية.

ثلاث وقفات لا تخطئها عين المراقب لمن تابع هذا المحفل الدولي، والذي يؤطر لمستقبل تسوية المنازعات في مرحلة التعافي ما بعد الجائحة:

الوقفة الأولى: ستساهم تكنولوجيا القانون والحلول الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي وأدوات الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها بنسبة تصل إلى (80%) في عمليات تسوية المنازعات من خلال ثلاثية تكييف الوضع القانوني لأطراف الدعوى، والتنبؤ بالنتيجة النهائية للحكم القضائي أو التحكيمي أو اتفاق التسوية، وأخيراً المساهمة في صياغة الحكم النهائي. لا شك أن هذه التطورات ستؤدي الى إعادة صياغة أدوار شركاء العدالة نظراً لوجود هذا الطرف الرابع الوليد مع الواقع الجديد وهو «تكنولوجيا القانون». وبالتالي تبقى نسبة (20%) للتدخل الإنساني سواء من القاضي، أو المحكم، أو الوسيط، أو المحامي مرتبطة بالذكاء العاطفي والجوانب الإنسانية حال نظر وتسوية وفض المنازعات.


الوقفة الثانية: ستشكل العقود الرقمية والذكية ومحاكم البلوك تشين أو سلسلة الكتل «Blockchain Courts» جزءًا من منظومة تسوية المنازعات،لأن تلك العقود ستكون قابلة للتنفيذ بدون الحاجة إلى رفع دعوى قضائية أو تقديم مطالبات لأنها ذاتية التنفيذ.


الوقفة الثالثة: ستشهد آلية الوساطة لتسوية المنازعات تزايداً في عدد الأطراف الذين يلجؤون إليها، باعتبارها البديل الأقل تكلفة والذي يناسب الإرهاق المالي الحالي، وكذلك احتياجات وتوقعات المعنيين في مرحلة ما بعد الجائحة. كما نلاحظ أن الوساطة تحقق مزيداً من الفاعلية في كلّ يومٍ مع ازدياد عدد الموقعين على اتفاقية سنغافورة للوساطة، والبالغِ عددهم حتى الآن 55 دولة، ناهيك عن المنصات الالكترونية التي تقوم بتسوية المنازعات عبر الوساطة، والتى باتت جزء لا يتجزأ من المنظومة العدلية.

والسؤال: هل ستبقي كليات القانون في مجتمعاتنا منتمية إلى النهج التقليدي، أم عليها إطلاق ثورة قبل تقادم خريجها، وبالتوازي كيف يمكن لسدنة العدالة القضائية والتحكيمية والاتفاقية من (قضاة) و(محكمين) و(وسطاء) التعامل مع الواقع الرقمي والذكي الجديد؟