الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

الاقتصادات العربية.. أفق المنافسة

تنطلق توقعات صندوق النقد الدولي بخصوص تعافي الاقتصادات العربية في السنة المقبلة من مؤشر نمو الناتج المحلي الإجمالي لبعض هذه الاقتصادات، كما هو شأن السعودية والإمارات ومصر والعراق وقطر والمغرب.

لكن الاطمئنان إلى وتيرة هذا النمو مقارنة مع مؤشر الانكماش الذي شهده العام الماضي في بعض الدول العربية بسبب جائحة كورونا، لا يعني أن دينامية اقتصادات بعض هذه الدول تسير في اتجاه حل الأزمات الهيكلية الكبرى التي انعكست سلباً على المجتمع، كارتفاع معدّلات الفقر والهشاشة والبطالة وتدهور المنظومتين الصحّية والتعليمية.

النموذج التنموي التقليدي وأساليب خلق الثروة التي كانت تعتمد عليها بعض هذه الاقتصادات قد أُستُهلك ولم يعد ناجعاً بعد الجائحة في خلق التوازنات المطلوبة، وخوض المنافسات التي يقتضيها العالم الجديد، فهناك حاجة عربية مستعجلة لابتكار منظومة تنموية تنسجم مع التحديات التكنولوجية والرقمية وتستجيب للطموحات الاجتماعية للفرد العربي في عيش مختلف وحياة كريمة.


فعلاً، هناك وعي لدى هذه الدول بضرورة خلق استراتيجيات جديدة للتنمية الشاملة، منها رؤية 2030 التي أطلقتها السعودية، والإمارات هي الأخرى، ورؤية المغرب التي تقوم على أربع مرتكزات، هي تطوير الاقتصاد ليصبح تنافسياً وتعزيز العنصر البشري وإدماج المواطن في التنمية ثم الجهوية كفاعل أساسي في السياسات العمومية، وقد تم الوعي بهذه الرؤى العربية بالاعتماد على اقتصاد المعرفة والتخفيف التدريجي من الاعتماد على قطاع النفط كمصدر مركزي للاقتصاد.


ومع ذلك، يبقى التحدي أكبر من هذه الطموحات، لأنه ينبغي أن تعكس هذه الرؤى التنموية الجديدة الطابع المركب للطموح العربي الجماعي وتحرير الطاقات وإدماج جميع فئات المجتمع ودعمها.

إن جعل الفرد العربي في صلب الرؤية التنموية، يقلب المعادلة الاقتصادية التقليدية التي تقوم على سيادة الاقتصاد وحده في التنمية، والتي تعتبر الرأسمال البشري ذا الكفاءة العالية المنتجة والمتسلحة بأدوات المعرفة العصرية حلقة مركزية في دينامية التقدم.

هذا أمر يقتضي منظومة قومية للتربية والتكوين تقوم على العقل التكنولوجي والرقمي، الذي سيحسم غداً كل مجالات الصراع والمنافسة حول المراتب الأولى في تصدر العالم والتحكم فيه اقتصادياً وسياسياً.

يُحمد للإمارات العربية وعيها الجاد بالدور الوظيفي للتكنولوجيا في تحقيق الرؤى المستقبلية وربح رهان التنافسية الاقتصادية والمالية والتجارية، فجعل دبي الذكية قاعدة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشرق الأوسط ومنصة إقليمية للعلاقات التجارية العالمية في مجال التكنولوجيا وكبار وسائل الإعلام الرقمية، خيار يمكّنها من التقدم السريع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويصلح أن يكون نموذجاً ناجحاً للبلدان العربية يمكّن اقتصاداتها من الإقلاع والارتهان إلى الابتكار كنهج وحيد للاستجابة إلى تحديات شراسة المنافسة العالمية.