مُني حزب العدالة والتنمية المنتمي إلى جماعة الإخوان بخسارة كبيرة وفادحة في الانتخابات التشريعية التي أقيمت الأسبوع الماضي في المغرب، وتصدر فيها حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي بحصوله على 97 مقعداً، وأتى العدالة في المركز الثامن بين الأحزاب الأخرى بحصوله على 12 مقعداً، وحتى ندرك حجم الخسارة نقول إنهم كانوا يملكون 125 مقعداً في الانتخابات الأخيرة.
إعلان وزير الداخلية المغربي، عبدالوافي الفتيت، نتائج الانتخابات هو إعلان عن انحسار لتيار الإسلام السياسي، الذي ازدهر وسيطر خلال السنوات العشر الماضية. وكان هذا الازدهار مرتبطاً بتطورات ما عرف باسم الربيع العربي الذي تسبب في هزات ما زالت المجتمعات العربية تعاني آثارها. وكان ظهورهم وسطوتهم في إطار توازن سياسي ومناورة للحفاظ على استقرار الأوضاع والنظام السياسي بتغيير بعض عناصر المعادلة وقتها.
أداء وسلوك الحزب الذي كان حاكماً العقد الماضي كان سبباً في الانهيار الذي يعانيه الآن، لم يمارسوا كحزب سياسي ولكن كجماعة تلتزم بأهدافها وتعيش على السمع والطاعة، وسلوكها إقصائي.
حينما كان الحزب الإسلامي على رأس الحكومة المغربية، ساهم في تراجع شعبية الإخوان، حيث بدأ بالفعل تآكل مشروعية الحزب. لم يستطع الحزب استيعاب المتغيرات السريعة لتطلعات فئة واسعة خاصة من الشباب المهمش، والذي يتبنى خيارات شعبوية بدأت تأخذ موطئ قدم في الحياة السياسية المغربية، على حساب انكماش الحركات الإسلامية.
وتميّز الأداء الاقتصادي بالضعف، وأدى ذلك إلى تدهور مستوى المعيشة بالمغرب، ما كان له أثر كبير في تركيز الانتقادات التي وجهت للحزب ووزرائه ورئيسه الذي يرأس الحكومة على هذا الجانب. هذا التراجع أدى مبكراً إلى انشقاق عدد كبير من الحزب والتحاقهم بأحزاب أخرى.
لا يمكن هنا إغفال أثر تراجع سطوة الإخوان على الشارع العربي الذي أثر بشكل كبير في نتائج الانتخابات في أماكن عدة، لا سيما بعد تصنيف الجماعة على أنها إرهابية في مصر بعد أن أسقطها المصريون بدعم جيشهم، وخروج الجماعة من المشهد السياسي بشكل كامل، وكذلك في بلدان أخرى. لقد باتت الحركات والتنظيمات التي لديها علاقة بفكر الإخوان أو الإسلام السياسي لا تحظى بالشعبية نفسها التي كسبتها في عام 2011 حين حازت حينها الحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية على أعلى شعبية لها على امتداد نصف القرن الأخير مقارنة بالتيارات السياسية الأخرى.