أيام قليلة تفصل عن الاستحقاقات الانتخابية الجماعية (انتخابات المجالس المحليّة) والتشريعيّة في المغرب، المزمع إجراؤها في الـ8 من سبتمبر المقبل، والتي ستحدد من سيقود الحكومة لمدة 5 سنوات مقبلة.
أهم ما يُميّز هذه الانتخابات أنها: أولاً، تأتي في ظروف صحية استثنائية بسبب وباء كوفيد-19، اختار معها المغرب عدم التأجيل، ويمكن لهذه الظروف أن تؤثر في عملية الحملة الانتخابية، كما يمكن أن تؤثر في نسب المشاركة.
ثانياً، تأتي في ظل اعتماد القانون التنظيمي لمجلس النواب المعروف بـ«القاسم الانتخابي» على أساس قاعدة المسجلين في اللوائح الانتخابية عوضاً عن عدد الأصوات الصحيحة.
ومن شأن هذه الآلية الجديدة أن تعطي حظوظاً متساوية بين الأحزاب الكبرى للفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة؛ بحيث سيكون التنافس منحصراً أو بارزاً في مناطق نفوذ بعض الأحزاب، لكنها ربما لن تفرز أغلبية منسجمة وفق برنامج واضح.
ثالثاً، تأتي في ظل مؤشرات بتراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية»، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، مقابل صعود حزب «التجمع الوطني للأحرار»، وهذا الأمر أبانت عنه نتائج الانتخابات المهنيّة، التي أجريت في 6 أغسطس الجاري، والتي منحت الصدارة للأحرار.
ويبدو أن هناك توجهاً نحو تصويت عقابي ضد «العدالة والتنمية»، خصوصاً أن تراجعه برز كذلك في الانتخابات الجزئية خلال السنوات الماضية، ثم في انتخابات النقابات، التي مُنِيَت فيها نقابة «الاتحاد الوطني للشغل»، الذراع النقابية للحزب، بهزيمة كبيرة.
رابعاً، يشهد حزب العدالة والتنمية أزمات داخلية متتالية ربما ستؤثر على فرصه في الانتخابات التشريعية المقبلة، منها: خلافات حادَّة بين قياداته، تبدو في ظاهرة الاستقالات، وتجميد العضوية التي بدأت تتزايد، خلال الفترة الأخيرة، بين قيادات الحزب وقيادات الصف الثاني والقواعد.
من خلال هذه المعطيات، يبدو أن حزب الأحرار أكثر جاهزية للانتخابات التشريعية، وربما سيتمكن من تشكيل الحكومة المقبلة، في حال تمكَّن من صدارة الانتخابات، وفقاً لما ينصُّ عليه الدستور المغربي، بينما حظوظ «العدالة والتنمية» أقل من السنوات الماضية، وأي خسارة ستؤثر على فرص حضوره على عدة أصعدة مستقبلاً، وربما سيتجه للمعارضة، خاصة في ظل الاختلافات التي أبانت عنها تجربته في التحالف مع باقي الأحزاب السياسية، والانتقادات العديدة الموجهة لأدائه وسياساته في التعامل مع بعض الملفات السياسية والاقتصادية والصحية.
أما فيما يتعلق بالائتلافات السياسية، فلم تتضح الصورة بعد، بل يجب انتظار نتائج الانتخابات، والمعروف أن منطق التحالف بين التنظيمات الحزبية في المغرب غير موحد، فهو لا يقوم على المرجعية الإيديولوجية، بل يستند إلى طبيعة التوجهات المحلية والجهوية والوطنية.