الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

يحدث في بوركينا فاسو

لا يتذكر كثيرون اسم «فولتا العليا»، ذلك أنها أصبحت «بوركينا فاسو»، ولكن كثيرين أيضاً لا يتذكرون بوركينا فاسو، إذْ تبدو اسماً بعيداً يشبه ما كان يقوله العرب عن بلاد الواق واق.

ليست بوركينا فاسو بعيدة إلى هذا الحدّ، فهي تبعد عن العالم العربي مسافة دولةٍ واحدة. إذْ تفصل دولة مالي بينها وبين الجزائر، كما تفصل بينها وبين موريتانيا.

كان الشعب البوركيني فقيراً، ولكنه صار أيضاً خائفاً، في بوركينا فاسو تعيش (60) قومية في بلدٍ تقول منظمة أوكسفام إن أكثر من ثلاثة ملايين يقفون عند حافة الجوع.


ومن بين (20) مليون نسمة يشكلون عدد السكان - يمثِّل المسلمون الأغلبية منهم - أُخرِج مليونان من ديارهم بعد أن قام المتطرفون بالقتل والحرق.


كانت بوركينا فاسو تحاول فعل شيء، نجح القطاع السياحي إلى حد ما، كما نجح في جذب عدد من السياح، كما نجح مهرجان واغادوغو «فيسباكو» ليصبح أكبر مهرجان للسينما الأفريقية، لكن وصول «داعش بوركينا فاسو» قلب الحياة رأساً على عقب.

إن بوركينا فاسو سيئة الحظ بوجودها في منطقة يحاول الإرهابيون فيها إقامة «خلافة بديلة» تعوّض في أفريقيا ما فشلت فيه في آسيا.

في عام 2014 راحت فرنسا تحارب في المكان، وفي عام 2021 قررت الرحيل، ومنذ عام 2015 بدأت الجماعات الإرهابية التي تلتقي وتعمل في مالي بالانتشار، وكانت بوركينا فاسو واحدةً من الوجهات.

في عام 2015 بدأت صدمة البوركينيين من أول الأعمال الإرهابية الكبرى، ثم سرعان ما تواترت أنباء القتل والتدمير، من الهجوم على المساجد إلى الهجوم على القرى.

إنه السّيناريو نفسه في كل قرية، اقتحام عنيف، إطلاق رصاص كثيف، قتل عدد كبير من الناس، حرق عدد كبير من المنازل، حرق سوق القرية.. ليصبح الناس في ستين دقيقة وكأنهم قد باتوا يواجهون أحداث يوم القيامة.

ومع الجائحة التي عصفت بالعالم 2020 راحت جائحة الإرهاب تعصف هي الأخرى بالبلاد، وبعد عام مأساوي، أصبح النصف الأول من 2021 الأسوأ على الإطلاق.

يشكل الإرهابيون في أفريقيا حزاماً قاريّاً مفزعاً، يمتد من ساحل المحيط الأطلسي إلى ساحل المحيط الهندي، ظلمات بعضها فوق بعض، إنه مشروع «الحزام والطريق» لكنه من نوع آخر، إنه دموي.

في مشروع «الحزام والطريق الدموي» يجري تجريف كل شيء، وفي بوركينا فاسو راحوا يسرقون الذهب من المناجم والبشر، وبينما يراهن البوركينيُّون على أي شيء يقطع طريق الإرهاب، جاءت الأنباء من كابول، لتُلْهم أنصار الخلافة البديلة، إنهم يقولون: لقد حدث في أفغانستان، فلماذا لا يحدث هنا؟