يحقق مسلسل «مدرسة الروابي» الذي يعرض على منصة نتفلكس رواجاً جيداً، فالمسلسل محدود الحلقات، جيد الإخراج والإضاءة والديكور، وأداء الممثلين عال ومتميز، وأشياء أخرى تجعله جذاباً للمشاهدين.
يتعرض المسلسل لقضية التنمر في المدارس التي تمارسها ثلاث فتيات ضد زميلاتهن وخصوصاً «مريم» ذات المظهر غير الأنثوي، يتصاعد التنمر ليتحول إلى عنف متبادل بين فريقين من الطالبات فريق «ليان» المتنمر، وفريق «مريم» المنتقم، وينتهي المسلسل بتطرف «مريم» في الانتقام الذي ينتهي بمقتل «ليان» في جريمة شرف على يد شقيقها، ويحاول المسلسل تبرير عنف فريق «ليان» بانتمائهن لأسر تمارس العنف الأسري ضدهن.
المسلسل يفتقد للقوة الفنية والدرامية، يعتمد على المبالغات في الأحداث التي تخلق انفعالاً للمشاهد. ويقوم بشكل رئيس على انتهاك عالم «المراهقات» والدخول معهن إلى الحمامات وغرف التبديل وأسرة النوم التي تكشف عن أجزاء كبيرة من أجسادهن وتعرض مختلف أنواع ملابسهن الخاصة، كما يعرض بشكل صريح أحاديثهن وتعليقاتهن التي لا تخلو من الألفاظ البذيئة وقصص البنات الخاصة جداً، لا يقدم المسلسل تبريرات درامية لكثير من مكوناته، مثل المظهر الغريب لـ«نوف»، الهادئة والخجولة، القريب من مظهر «عبدة الشيطان»، لا مبرر سوى الإثارة ومنطق السوق، الذي يقوم على تسليع كل شيء حتى المراهقات ومدارسهن وقصصهن لتحقيق أعلى المشاهدات من مستهلكين محددين كالمراهقين والذكور، بالتالي تحقيق الربح المرتفع.
يمكن مقارنة المسلسل بفلم آخر عن التنمر “WONDER” يطرح قصة طفل ولد بتشوهات خلقية مريعة، يتنمر عليه زملاؤه في المدرسة، لكنه يحظى بدعم من أسرته وإدارة المدرسة ومجموعة من زملائه، فضلاً عن ذكائه وتميزه، مما يغير توجه الطلبة المتنمرين ضده فيتحول إلى شخص محبوب ومرغوب في المدرسة.
الفيلم مبني على صياغة درامية غاية في الإتقان، حبكات درامية مؤثرة لكنها هادئة، منولوج وجداني وعقلاني عند الطفل وذويه يفتح الآفاق للمشاهد للتأمل والإحساس وتقمص أكثر من شخصية، ورسالة إنسانية فنية تتغلغل إلى عالم الأطفال وأحلامهم ولعبهم وأركانهم المدرسية بلغتهم وخصوصياتهم وأصوات الأطفال أنفسهم.
نعم، ليس دور الفن الوعظ، الفن هو الفن يتمثل بجمالياته وبخيال صانعيه، لم يقل أحد إن على الفن أن يكون محافظاً أو محتشماً، وليس دوره أن يقدم صورة جميلة عن مجتمعاتنا، لكن المبالغة والفجاجة ليست فناً، والتعامل مع قضايا المجتمع وخصوصياته بمنطق التجارة والربح ليس إبداعاً ولا جرأة فنية. الحس الاجتماعي والإنساني في عرض المشكلات وفي مناقشتها هو الفن، وامتلاك الرؤية الفنية هو الإبداع.