2021-08-21
بمناسبة ولادة الدولة، يتنازل العراق عن كونه فكرة عاطفية إلى مادة لرؤية الحقيقة.. ننتقل فيها من التصور الأسطوري إلى الواقع، أين كنا؟، وأين نحن الآن؟!.. يتوجب علينا العودة إلى البدايات، التي شكلت لحظة الدولة التاريخية.
إذ تمرُّ علينا غداً ذكرى مئة عام على تأسيس دولة (العراق) الذي نعرفه الآن، وهذا في يوم تنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على البلاد في 23 أغسطس عام 1921، لم أستطع أن أقول: «كل عام وأنتَ بخير يا بلدي»!. فقد تحضر وصية الملك فيصل الأول الأخيرة والمليئة بالمرارة، والتي أظهر فيها شعوراً عميقاً بالهزيمة من محاولاته لإيجاد روح وطنية عراقية.
إنَ فكرة العراق تكاد تنبثق من روح تلك الوثيقة التي تؤكد على إخفاق دولة في إيجاد أمة، حيث كانَ العراق مقسَّماً إلى ثلاث ولايات، بينما كانت البنى الاجتماعية متباينة تبايناً شديداً، معزولة اجتماعياً واقتصادياً. فبالرغم من تمتع العراقيين بسمات مشتركة آنذاك، إلا أنهم لم يكونوا شعباً واحداً بالمعنى الدقيق للمفردة؛ كانت المجتمعات داخل المدن منغلقة على نفسها، فضلاً عن الاختلاف الجذري بين عالم المدن والمناطق العشائرية، حتى جاءت نقطة الالتقاء الأولى بين أبناء الشعب؛ في لحظة اندلاع «ثورة العشرين» وبغض النظر عن جوهر تعدد أسبابها إلا إنها أصبحت جزءاً من الميثولوجيا الوطنية والقومية.
بعد ذلك، وفي ظل الملكية والانتداب البريطاني، أسهم الإنجليز في تأسيس الدولة العراقية عبر تقديم مساهمات على شكل أفكار وخدمات في مجالات الإدارة والعمارة والحياة بأكملها، واقترحوا دولة قابلة للحياة تسمى العراق.
أحبَ الملك فيصل العراق والعراقيين، وكانت لديه نزعات خفية للإفلات من قبضة بريطانيا، واستطاع بمرونته السياسية الفائقة أن يشكل مصدر الإلهام الأول في نشوء بذور الهوية الوطنية، لكن الرغبة الخفية للاستقلال وحدها لم تكن كافية؛ فقد قامت بريطانيا بعد أن عجزت اقتصاديا على إبقاء قواتها داخل العراق، بدعم المناطق العشائرية بقانون منفصل تماماً عن قانون الدولة العام، وبهذا عززت مبدأ التفرقة الذي ظل يغذي الوريد العراقي حتى يومنا هذا، وهو يشهد على بقايا دولة واعدة، سحقت بانقلابات متعاقبة واحتلالات وفواجع لا تنتهي.
هذا هو العراق في قصته المئوية، يكاد المشهد الحالي له، الموصوف بالضعف والتفكك وانعدام القانون يشابه على نحو ما لحظة ما قبل ولادته؛ بين انتصارات وهزائم، أغنيات وبنادق، أهازيج وثارات، تصفيق وتقريع. ظلَ العراق مثل أرجوحة معلقة بين حربين، يدفعها الهواء بقوة نحو الفراغ، بينما لم نزل مدفوعين بالأمل نغني أمام الرياح العاتية: «موطني».
إذ تمرُّ علينا غداً ذكرى مئة عام على تأسيس دولة (العراق) الذي نعرفه الآن، وهذا في يوم تنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على البلاد في 23 أغسطس عام 1921، لم أستطع أن أقول: «كل عام وأنتَ بخير يا بلدي»!. فقد تحضر وصية الملك فيصل الأول الأخيرة والمليئة بالمرارة، والتي أظهر فيها شعوراً عميقاً بالهزيمة من محاولاته لإيجاد روح وطنية عراقية.
إنَ فكرة العراق تكاد تنبثق من روح تلك الوثيقة التي تؤكد على إخفاق دولة في إيجاد أمة، حيث كانَ العراق مقسَّماً إلى ثلاث ولايات، بينما كانت البنى الاجتماعية متباينة تبايناً شديداً، معزولة اجتماعياً واقتصادياً. فبالرغم من تمتع العراقيين بسمات مشتركة آنذاك، إلا أنهم لم يكونوا شعباً واحداً بالمعنى الدقيق للمفردة؛ كانت المجتمعات داخل المدن منغلقة على نفسها، فضلاً عن الاختلاف الجذري بين عالم المدن والمناطق العشائرية، حتى جاءت نقطة الالتقاء الأولى بين أبناء الشعب؛ في لحظة اندلاع «ثورة العشرين» وبغض النظر عن جوهر تعدد أسبابها إلا إنها أصبحت جزءاً من الميثولوجيا الوطنية والقومية.
بعد ذلك، وفي ظل الملكية والانتداب البريطاني، أسهم الإنجليز في تأسيس الدولة العراقية عبر تقديم مساهمات على شكل أفكار وخدمات في مجالات الإدارة والعمارة والحياة بأكملها، واقترحوا دولة قابلة للحياة تسمى العراق.
أحبَ الملك فيصل العراق والعراقيين، وكانت لديه نزعات خفية للإفلات من قبضة بريطانيا، واستطاع بمرونته السياسية الفائقة أن يشكل مصدر الإلهام الأول في نشوء بذور الهوية الوطنية، لكن الرغبة الخفية للاستقلال وحدها لم تكن كافية؛ فقد قامت بريطانيا بعد أن عجزت اقتصاديا على إبقاء قواتها داخل العراق، بدعم المناطق العشائرية بقانون منفصل تماماً عن قانون الدولة العام، وبهذا عززت مبدأ التفرقة الذي ظل يغذي الوريد العراقي حتى يومنا هذا، وهو يشهد على بقايا دولة واعدة، سحقت بانقلابات متعاقبة واحتلالات وفواجع لا تنتهي.
هذا هو العراق في قصته المئوية، يكاد المشهد الحالي له، الموصوف بالضعف والتفكك وانعدام القانون يشابه على نحو ما لحظة ما قبل ولادته؛ بين انتصارات وهزائم، أغنيات وبنادق، أهازيج وثارات، تصفيق وتقريع. ظلَ العراق مثل أرجوحة معلقة بين حربين، يدفعها الهواء بقوة نحو الفراغ، بينما لم نزل مدفوعين بالأمل نغني أمام الرياح العاتية: «موطني».