2021-06-22
يعتبر كتاب علم الأخلاق من الكتب الأساسية للفيلسوف سبينوزا، وقد كتبه في مرحلتين متقطّعتين، مرحلة انجذابه إلى فكرة السّعادة الحقيقية، ومرحلة اهتمامه بمختلف القراءات التّي أثارتها أفكاره ومجادلاته مع هوبز وغيره.
ما بين المرحلتين انهمك في كتابة «الرّسالة في اللّاهوت والسّياسة» وهي رسالة طارئة فرضتها مرحلة مخصوصة تتعلّق بالجدل السياسي والفلسفي حول لائيكية الدّولة وحريّة المعتقد سنة 1670، على خلاف إشكالية الأخلاق التّي لم يعتبرها سبينوزا أمام هذا الجدل الظرفي ذات راهنية فكرية وسياسية، وبالرغم من الحظر الذّي تعرّضت له «الرّسالة في اللّاهوت» من قبل السّلطة الدّينية، حاول إتمام كتاب علم الأخلاق بسرعة قصوى من أجل نشره، لكنّ الرّسالة التّي بعثها إليه هنري ألدنبورغ في يوليو 1675، دفعته إلى التّراجع عن نشر الكتاب، لأنه كان في هذه المرحلة يعاني من مرض عضال أقعده بيته وأضعف قوّته على الاصطدام بالسلطة الدّينية والسيّاسية، ولم يُنشر كتاب «علم الأخلاق» إلا بعد وفاته من طرف الناشر «ريوفرتس».
تأتي أهمّية هذا الكتاب الذي يُعتبر من أقوى كتبه من جهة كونه إنجازاً لمشروعه الفكري الذي رسمه في رسالة إصلاح العقل، لأنّ الجزء الأوّل من هذه الرّسالة الذي وضع فيه منهجاً للتأمّل للارتقاء إلى فكرة الله، ومنهجاً للاستنتاج من خلال مناقشته نشوء الأشياء وصدورها، لم يكن شافياً أمام الاستشكال الكبير لجوهر علم الأخلاق، وهذا جعل «أندري دربون» في مناقشته لأطروحة البحّاثة «فرودنتال» يعتبر الرّسالة في إصلاح العقل تمهيدية قدّم فيها سبينوزا خطة معرفية لمشروعه الأخلاقي الكبير.
قد نضطرب أوّل وهلة ونحن نقرأ في الأبواب الثّلاثة من الكتاب حديث سبينوزا عن الله وعن النّفس وخواصها قبل حديثه عن الأخلاق، لأنّنا سنظنّ أنّها أكثر قيمة مما هو صادر في الكتاب ما يجعل الإشكالية الكبرى للأخلاق غير حاضرة بما هو كافٍ، غير أنّه بتأنّينا في القراءة نكتشف أنّ الأخلاق لدى سبينوزا هي فلسفته الجامعة والكلّية في قواعدها وتوجّهاتها الكبرى، وهذا ما يتوضّح لنا في هذه الأبواب الأولى نفسها من علم الأخلاق لمّا نكتشف أنّ المبادئ الميتافيزيقية التّي عرض لها تقوم أساساً على مداميك أخلاقية مؤطّرة.
بل إنّ هذه الأبواب تزود القارئ بالعُدد الفكرية الأولى لفهم المشروع الأخلاقي القائم على مبادئ الخير الأعظم ومعاني الفوز بالسّعادة الحقيقية، وهذا ما جعل سبينوزا لا يهتم أساسا ببداهة المعرفة كما هو حاصل لدى ديكارت مثلا، وإنّما بوضع المقدّمات المعرفية للتوغّل في مكنونات النّفس وتلمّس الطرق الكفيلة الموصلة إلى جوهر السعادة. لذلك كاد يجمع الفلاسفة والنّقاد على أنّ فلسفة سبينوزا هي فلسفة أخلاق السّعادة، تبحث في انفعالات الفرح والحزن، وتربط هذه الانفعالات بالعبودية بحثاً عن الخالق.
ما بين المرحلتين انهمك في كتابة «الرّسالة في اللّاهوت والسّياسة» وهي رسالة طارئة فرضتها مرحلة مخصوصة تتعلّق بالجدل السياسي والفلسفي حول لائيكية الدّولة وحريّة المعتقد سنة 1670، على خلاف إشكالية الأخلاق التّي لم يعتبرها سبينوزا أمام هذا الجدل الظرفي ذات راهنية فكرية وسياسية، وبالرغم من الحظر الذّي تعرّضت له «الرّسالة في اللّاهوت» من قبل السّلطة الدّينية، حاول إتمام كتاب علم الأخلاق بسرعة قصوى من أجل نشره، لكنّ الرّسالة التّي بعثها إليه هنري ألدنبورغ في يوليو 1675، دفعته إلى التّراجع عن نشر الكتاب، لأنه كان في هذه المرحلة يعاني من مرض عضال أقعده بيته وأضعف قوّته على الاصطدام بالسلطة الدّينية والسيّاسية، ولم يُنشر كتاب «علم الأخلاق» إلا بعد وفاته من طرف الناشر «ريوفرتس».
تأتي أهمّية هذا الكتاب الذي يُعتبر من أقوى كتبه من جهة كونه إنجازاً لمشروعه الفكري الذي رسمه في رسالة إصلاح العقل، لأنّ الجزء الأوّل من هذه الرّسالة الذي وضع فيه منهجاً للتأمّل للارتقاء إلى فكرة الله، ومنهجاً للاستنتاج من خلال مناقشته نشوء الأشياء وصدورها، لم يكن شافياً أمام الاستشكال الكبير لجوهر علم الأخلاق، وهذا جعل «أندري دربون» في مناقشته لأطروحة البحّاثة «فرودنتال» يعتبر الرّسالة في إصلاح العقل تمهيدية قدّم فيها سبينوزا خطة معرفية لمشروعه الأخلاقي الكبير.
قد نضطرب أوّل وهلة ونحن نقرأ في الأبواب الثّلاثة من الكتاب حديث سبينوزا عن الله وعن النّفس وخواصها قبل حديثه عن الأخلاق، لأنّنا سنظنّ أنّها أكثر قيمة مما هو صادر في الكتاب ما يجعل الإشكالية الكبرى للأخلاق غير حاضرة بما هو كافٍ، غير أنّه بتأنّينا في القراءة نكتشف أنّ الأخلاق لدى سبينوزا هي فلسفته الجامعة والكلّية في قواعدها وتوجّهاتها الكبرى، وهذا ما يتوضّح لنا في هذه الأبواب الأولى نفسها من علم الأخلاق لمّا نكتشف أنّ المبادئ الميتافيزيقية التّي عرض لها تقوم أساساً على مداميك أخلاقية مؤطّرة.
بل إنّ هذه الأبواب تزود القارئ بالعُدد الفكرية الأولى لفهم المشروع الأخلاقي القائم على مبادئ الخير الأعظم ومعاني الفوز بالسّعادة الحقيقية، وهذا ما جعل سبينوزا لا يهتم أساسا ببداهة المعرفة كما هو حاصل لدى ديكارت مثلا، وإنّما بوضع المقدّمات المعرفية للتوغّل في مكنونات النّفس وتلمّس الطرق الكفيلة الموصلة إلى جوهر السعادة. لذلك كاد يجمع الفلاسفة والنّقاد على أنّ فلسفة سبينوزا هي فلسفة أخلاق السّعادة، تبحث في انفعالات الفرح والحزن، وتربط هذه الانفعالات بالعبودية بحثاً عن الخالق.