الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

الأزمة الليبية.. وحلول «أينشتاين»

يلوح في الأفق أن هناك اتجاهاً دوليّاً ـ يتبلور الآن ـ للتعاطي مع الأزمة الليبية، يميل نحو منطق عالم الرياضيات والفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، الذي ذكر في مقولة تنسب له: «أنه لا يمكننا حل مشكلةٍ باستخدام نفس العقلية التي أوجدت تلك المشكلة».

العقلية التي خلقت الأزمة في ليبيا بدأت بصنع إشكالية سياسية بين الشعب الليبي ونظام العقيد القذافي عام 2011، ما نتج عنها اندلاع حراك شعبي، مطالباً بإصلاحات، ثم تطور إلى المطالبة برحيله أو إسقاطه، وعلى الرغم من وجود جانب وجيه وحقيقي من المشكلة إلا أنه تم العمل عليه وتضخيمه بفعل طامع، وقام بتأجيج الأزمة السياسية، ليتبعها هذا الطامع في ليبيا بأزمة أمنية تمثَّلت في ضرب البلاد بالفوضى المسلحة وانتشار الميليشيات، وذلك كله وصولاً للسيطرة على ثروات ليبيا والتحكم باقتصادها.

إذن، وبالترتيب، فإن الأزمة في ليبيا بدأت سياسية وتحولت إلى أمنية ثم أصبحت اقتصادية، وعليه ـ طبقاً لنصيحة أينشتاين المذكورة أعلاه ـ فإن الحل يكون عكسياً وبالترتيب: اقتصادي ثم أمني وفي النهاية سياسي، وهو ما يفسر فشل الجهود الساعية لحل الأزمة سياسياً أولاً، وذلك على نفس ترتيب صانع المشكلة في البلاد، ما نتج عنه تعثر المسار السياسي بعدم الوصول إلى توافق حول آلية اختيار السلطات الانتقالية القادمة حتى إجراء انتخابات نهاية 2021

وفي مقابل هذا التعثر أو الفشل في المسار السياسي جاءت نتائج المسار الاقتصادي المختتمة أعماله في جنيف أول أمس الثلاثاء (15 ديسمبر الجاري)، مبشرة وإيجابية، واضعة خطوات واضحة لحل الأزمة الاقتصادية في ليبيا بتوحيد المصرف المركزي وحل أزمة السيولة وغيرها من إجراءات اقتصادية، هدفها ضبط وتوجيه عوائد الثروات الليبية في اتجاه مصلحة المواطن الليبي

وبالإضافة إلى نجاح المسار الاقتصادي، هناك نجاح آخر يتحقق يومياً في المسار العسكري والأمني، الذي تعقده اللجنة العسكرية الليبية في مدينة سرت، وبالرغم من التحديات التي تواجهه من الميليشيات وداعميها إلا أن إجراءات هذا المسار تتخذ خطوات واسعة في تعزيز الثقة بين الليبيين، والمطالبة بإخراج المرتزقة والقوى الأجنبية، وفتح الطرق، وعودة الطيران بين المدن الليبية، وتبادل المحتجزين على الهوية.

ومع تأكيد مجلس الأمن في جلسته أمس الأربعاء (16 ديسمبر الجاري) خطوات المسارين الاقتصادي والعسكري، يبدو أن الأزمة السياسية بالتبعية ستجد حلولاً سريعة بعد إعادة الترتيب المنطقي لحل الأزمة الليبية الشاملة.