وَضَحَ من نتائج الملتقى السياسي الليبي في «قمرت» بتونس، أن تنظيم الإخوان الإرهابي ــ ومن خلفه بعض القوى الدولية ــ كان يهدف للقفز على شرعية البرلمان الليبي المنتخب ليبياً، وإعادة وضع الإرادة الليبية تحت الوصاية، حيث ناور التنظيم الإرهابي بالحرب للحصول على المناصب الفاعلة في المرحلة الانتقالية المقبلة، بينما أخفى تحت الغبار الإعلامي الذي رعته قطر وجزيرتها وأبواق الإخوان في تركيا هدفاً أكبر، وهو إزاحة البرلمان الليبي المنتخب من الفعل السياسي وهو لطالما شكل للتنظيم الإرهابي كابوساً ليبياً يقف في طريق تحقيق أحلامه لوضع الإرادة الليبية في خدمة محركي ورعاة التنظيم الدولي للإخوان
وشهدت أروقة الملتقى السياسي في تونس محاولة لتمرير جسد تشريعي جديد، تحت مسمى لجنة الحوار لتكون مهمتها الحلول محل البرلمان الليبي في اختصاصه الأصيل في منح الثقة للحكومة المقبلة، وذلك في حالة عدم توصل البرلمان أو المجلس الرئاسي لقرار في منح الثقة لهذه الحكومة خلال 10 أيام من تشكيلها أو اجتماع جلسة برلمانية بنصاب كامل.
وفي الخلفية سعى تنظيم الإخوان الإرهابي على مدار أكثر من عام مضى، وبكل ما أُوتِيَ من مال وتأثير إعلامي قطريين وبكل ما أوتي من تهديد «ميليشياوي تركي» على الأرض، لضرب الإجماع البرلماني الليبي وإحداث شروخ في الإرادة الليبية المنتخبة، بخلق جسم موازٍ للبرلمان الليبي في طرابلس بعدد لا يتجاوز عدد أصابع اليدين والقدمين من البرلمانيين المنقطعين، غير أن يقظة 112 برلمانياً يتقدمهم النائب الأول لرئيس البرلمان فوزي النويري حالت دون مرورها في تونس، وتؤرق الإرادة الشعبية والوطنية أيدلوجياً تنظيم الإخوان الإرهابي، وتمنعه من استكمال دوره الوظيفي الذي خلق من أجله في 1928 لرهن الإرادات الوطنية للتحكم الدولي والاحتلال.
من ناحية أخرى، فإن البرلمان الليبي المنتخب بإرادة ليبية في يوليو 2014 ـ منذ ظهور نتائجه الصادمة الرافضة لوجود الإخوان في ليبيا ــ شكَّل أزمة نفسية للإرهابيين دفعتهم للانقلاب المسلح عليها تحت غطاء حماية مكتسبات (الثورة)، وأعلنوا عملية أسموها (فجر ليبيا)، والتي اشتهرت بين الليبيين باسم (فقر ليبيا) بدأت منذ 2014 بتدمير وحصار وابتزاز مؤسسات الدولة الليبية في العاصمة طرابلس، وذلك بعد حصول تنظيم الإخوان الإرهابي ومشتقاته على 20 مقعداً فقط من مجموع 200 عضو، بعد أن كان يسيطر بمساعدات دولية على القرار السياسي في المؤتمر العام السابق على الانتخابات بين عامي (2012 ـ 2014).