الخميس - 26 ديسمبر 2024
الخميس - 26 ديسمبر 2024

الاقتصاد الأردني.. تساؤلات ومخاوف

يمر الاقتصاد الأردني بأزمات عميقة ومتلاحقة، ألقت بظلالها على مجمل المشهد العام فيه، وهي أزمات آخذة بالتفاقم، رغم أن الأردن ليس استثناء، فالعالم كله يمرُّ بإشكالات اقتصادية بنيوية، أسهمت أزمة فيروس كورونا في تعميق جراحها وكشفت الكثير من اعتلالاتها، لكن ما يلفت الانتباه حقيقة أن الاقتصاد الأردني لم يغادر منذ عقود مربعه الأول، إذ غالباً ما يدور حول النقاط الرئيسية ذاتها التي تشكّل عقبات تحرره وانطلاقه، ما جعل البعض يستنتج أن الأمر في بعض جوانبه يتجاوز مسألة رؤى وخطط وتصورات توضع عادة من قبل الحكومة للنهوض به والتغلب على عثراته.

إذ لا تخطئ العين وجود أطراف وجهات دولية تدفع باتجاه إبقاء الاقتصاد الأردني غارقاً في مشكلاته وأزماته ذاتها، فمن الدول الكبرى الراعية إلى المؤسسات الدولية المانحة، مروراً بصندوق النقد الدولي إلى أطراف إقليمية، كلها تحاول ذلك، وهذا الأمر ربما لا يقتصر على الأردن وحده، فمعظم دول العالم الثالث يرتبط اقتصادها بشكل أو بآخر بالمتحكمين الدوليين، من دول وأجهزة وغيرها، يقابله استسلام حكومي لذلك، وسوء تخطيط وضعف إدارة اقتصادية ومالية وإدارية وتخبط ملحوظ وفساد بلا محاسبة يحظى بحماية أحياناً.

تساؤلات كثيرة يطرحها المختصون والمعنيون والشارع تبعاً لذلك، منها على سبيل المثال: سبب الإصرار الحكومي على الاقتراض الخارجي الدائم، خاصة من البنك الدولي والرضوخ لشروطه القاسية المعروفة والتراكم الكبير لديونه، وفشل بعض محاولات الاستثمار داخل الأردن سواء من جهات دولية أو محلية، وهروب بعض المستثمرين، وعدم الإفصاح الحكومي عن حقيقة وجود موارد ومعادن ومصادر كثيرة تحتويها أراضيه، خاصة النفط، وإبقاء ما يعرف بالأراضي الأميرية التي تشكل معظم مساحته دون استغلال أو تنمية أو توزيع على مواطنيه، إضافة إلى فشل بعض مشاريعه الرئيسية المطروحة منذ عقود، عدا عن بيوعات مشبوهة تمت للقطاع العام، وفرض للضرائب وتشوهات هيكلية معروفة.. إلخ.


هذه التساؤلات وغيرها، تجعل المراقبين والأوساط الشعبية الأردنية تتجه بأنظارها إضافة للإخفاق الاقتصادي الحكومي المحلي، إلى فكرة وجود أطراف خارجية تريد هذا، وأطراف إقليمية تعطّل بشكل أو بآخر بعض مشاريعه واستخراج موارده، وربما قُصد بذلك الجانب «الإسرائيلي».


أخيراً، وبسبب عدم وجود إجابات حكومية واضحة عن كل هذه التساؤلات والمعطيات والمخاوف، سيبقى الاقتصاد الأردني يدور في حلقات معاناته وإخفاقاته واستنزافاته ذاتها، وغني عن القول: إن أجياله المختلفة والمتعاقبة هي من تدفع ثمن ذلك باستمرار.