يمثل الاتفاق العسكري الليبي في جنيف تسديدة مزدوجة في مرميين، الأول: مرمى محور الشر الطامع في ليبيا، والذي يظهر منه فقط المنفذ التركي، والممول القطري، وأدوات الفوضى والإرهاب المحلية والمستوردة، وما يتخفى تحتها من خلط متعمد بين مفاهيم الثورة والفوضى، مؤسسات الدولة والميليشيات المنفلتة، السيادة الوطنية والتدخل الأجنبي.
لقد خلص الاتفاق إلى حرمان هذا المحور من (مناخ الفوضى الحاضن لتنظيماته الإرهابية)، بوقف إطلاق النار وتعزيز الثقة بين الليبيين، إضافة إلى حرمانه من (التواجد العسكري السافر) بالتأكيد على خروج القوات الأجنبية والحفاظ على سيادة ليبيا، وأخيراً حرمانه من (أدواته على الأرض)، المتمثلة في الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية بحصرها وتصنيفها، والتأكيد على محاربة الإرهاب.
أما المرمى الثاني، فهو المجتمع الدولي ذاته بوضعه أمام مسؤولياته، بإحالة هذا الاتفاق إلى مجلس الأمن لتحويله إلى قرار ملزم بإجماع دولي، وهو ما يعني عمليّاً أن أيّ خرق لهذا القرار من تركيا كعادتها سيكون هذه المرة موجهاً بشكل مباشر إلى مجلس الأمن الدولي.
ويبقى اللاعب العربي الرئيسي مُبِّدلاً أوراقه في تناغم هادئ بين القاهرة وأبوظبي، فالعاصمتان العربيتان سعيتا منذ بداية الأزمة الليبية إلى كشف أوراق وحيل محور الشر أمام الشعب الليبي، وأمام المحافل الدولية، كما ركزتا جهودهما من خلال 8 اجتماعات تحضيرية لمؤتمر برلين، والذي جاءت مخرجاته مصححة للمفاهيم المغلوطة في ليبيا، ومؤكدة الثوابت السياسية والإنسانية، إضافة إلى توثيق الحقوق والرغبات الليبية المشروعة أمام 19 دولة وكياناً دولياً شارك فيه.
وجاءت المبادرة المصرية في 6 يونيو الماضي مؤكدة عليها، ومع التمادي التركي في عدم الالتزام بها، جاء التحذير المصري في 20 يونيو واضعاً حداً قاطعاً، وملزماً باحترام الإجماع الدولي وقراراته الهادفة للحل، وكل هذه الجهود شكلت مرجعاً دولياً وإقليمياً، لمن يسعى إلى الحل الحقيقي والمخلص للأزمة في ليبيا، وفي المنطقة كلها.