بعد الاتفاق الإبراهيمي بين دولتي الإمارات ـــــ إسرائيل، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي فضل تسميته بـ«اتفاق إبراهيم» بدلاً من «اتفاق ترامب»، عاد الحديث عن الدين والسياسة فيما يخص العرب واليهود مرة أخرى.
في البداية لا يمكن لأي إنسان على قدر من الاتزان ألا يبارك أي مبادرة أو اتفاق سلام إلا إذا كان غير سوي، أو صاحب غرض، أو إدراكه للزمن والواقع به خلل كبير؛ لهذا أسجل مباركتي لاتفاق السلام الذي أعقبه لقاء إسرائيلي ــ إماراتي.. لقاء طال انتظاره من قبل الجانب اليهودي المُمثل سياسياً في دولة إسرائيل، لأسباب سأوضحها تباعاً في مقالات مقبلة.
ما بين سبتمبر 1978 حينما وُقِّعت اتفاقية السلام الأولى مصر- إسرائيل (السادات ـــــــ بيغن) وسبتمبر 2020 اتفاقية الإمارات ــ إسرائيل (الشيخ محمد بن زايد- بنيامين نتنياهو) مرَّ ما يقرب من 42 عاماً من القطيعة والصمت بين طرفي النزاع التاريخي، مما يستدعي لحظة السلام المصرية الإسرائيلية في خلفية المشهد، وإن صحَّ تباين الظروف بين الاتفاقين، فإن المحصلة هي استدعاء زخم وأجواء السلام.
ومما شجّعني لعرض طرحي هذا هو أنه اتفاق يحمل الختم «الإبراهيمي» إبراهيم خليل الله، الجد المشترك وصاحب ميراث الوعد الإلهي، وهو ميراث ضخم يتمثل في (الثراء، كثرة النسل، تملك الأرض)، وأضيف من جانبي أن الوعد يشمل حتى النبوة والحظوة عند الله.
ومما أسعدني حضور «الحوار الديني» في البند السادس فيما يخص السياحة والثقافة، وهو ــــ كما أرى ـــ أهم البنود في هذا الاتفاق، وإذا ما استعدنا الخلفية لكامب ديفيد كأول اتفاق سلام عربي ــــ إسرائيلي، وهي الخلفية الدينية أو الحوار الديني الذي جرى طيلة 13 يوماً في منتجع كامب ديفيد بين السادات ومستشاريه وبيغن، فمن المعلوم أن منتجع كامب ديفيد، الذي استضاف السادات وبيغن برعاية كارتر مكث فيه الأطراف الثلاثة مدة للتفاوض قبل التوقيع على الاتفاقية، كان الجدل الديني حاضراً جنباً إلى جنب التفاوض السياسي، ولا عجب لأن بيغن كان يمينياً متشدداً، والسادات كان يتصرف بوازع ديني أيضاً.
ومع منتصف سبتمبر الجاري سيأخذ سمو الشيخ عبدالله بن زايد القلم ليوقع اتفاق سلام جديداً، لا تقتصر تبعاته على الإمارات فقط، ولكنه يدشّن معه شرق أوسط جديد، وهنا لا يمكن استثناء الدين فيه ولكنه يحتاج لغة خطاب مختلفة، ومفاهيم جديدة.