الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. الروابط والمواقف



على الرغم من أن بريطانيا غادرت الاتحاد الأوروبي رسميّاً مطلع 2020، بعد 47 عاماً من انضمامها إليه، وستغادره فعليّاً مطلع 2021 بعد إبرام اتفاقية تنظم علاقاتِها به، إلا أن المغادرة لا تزال تشكل قلقاً لدى البريطانيين من مستقبلهم خارج الاتحاد، حيث لا يزالون منقسمين حول الموضوع، فنصفهم يأمل بالعودة إلى الاتحاد مستقبلاً، لكن قرار المغادرة نهائي، واتفاقية (بريكسيت) أصبحت ملزمةً للطرفين.

أما النصف المناهض لأوروبا، فيرى أن مصلحة بريطانيا تكمن في بقائها مستقلة ومحافظة على نفوذها العالمي وعلاقاتها الوثيقة مع دول مهمة اقتصادياً، ومرتبطة بها ثقافيّاً وتاريخيّاً، كالولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزلندا، وإلى حد ما الهند وباكستان وهونغ كونغ، وليس في مصلحتها (الذوبان) في كيان سياسي جديد يُفقِدها هويتها الثقافية ودورها الدولي، وقادة هؤلاء محافظون لا يزالون يعيشون وفق فهمٍ ماضوي للعالم.


مع ذلك، يأمل الجميع بإقامة علاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، الذي سيحتاج إلى بريطانيا، كونها دولة صناعية رائدة، ولديها مركز لندن المالي، المهم عالمياً، وتتحدث بلغتها دول العالم أجمع، ولديها طبقة متعلمة ذات خبرة مطلوبة أوروبياً، إذ هناك مليونا بريطاني يعملون في مواقع إدارية ومهنية رفيعة في الاتحاد الأوروبي.


ويبدو أن الاتحاد هو الآخر يأمل في توطيد العلاقة مع بريطانيا، وتجلَّى موقفه هذا في تعيينه دبلوماسيّاً متمرسّاً، هو جواو ديفالي ألميدا، سفيراً في لندن.

ويقول ألميدا، وهو دبلوماسي برتغالي: «إن مغادرة بريطانيا الاتحاد خسارة للطرفين، فقد خسر الاتحاد دولة مهمة ومؤثرة عالمياً، بينما خسرت بريطانيا السوق الأوروبية ونفوذها داخل الاتحاد، وسوف تخضع صادراتها للتعرفة الجمركية مستقبلاً».

لكن من جهة أخرى يرى ألميدا جانباً إيجابيّاً في خروج بريطانيا: «لقد عرقلت بريطانيا العديد من المشاريع الأوروبية، واعترضت على عدد من القوانين، وبمغادرتها تحرر الاتحاد من هذه العرقلة، كما ازداد تأييد المواطنين الأوروبيين للاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا، ما يعني أن الأوروبيين متمسكون بوحدتهم».

وبخصوص الشرق الأوسط، أوضح ألميدا في مقابلة مع تشاتام هاوس: «أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بحل الدولتين في فلسطين، محذِّرا إسرائيل من مواصلة استيلائها على الأراضي الفلسطينية».

كما أكد ألميدا أن القيم المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة ستجعل مواقفها متقاربة دائماً، مشيراً إلى ضرورة التعاون الأوروبي ــ البريطاني ــ الأمريكي، بخصوص العلاقات مع الصين وروسيا. وهذا يعني أن الروابط الثقافية والقيم المشتركة التي تجمع الدول الغربية عموماً، ستبقى عوامل موحِّدة لسياسياتها الخارجية، فهي تشكل معسكراً واحداً في النهاية، وإن اختلفت سياساتُها البينية.