السبت - 21 ديسمبر 2024
السبت - 21 ديسمبر 2024

إيران.. وهول المفاجأة

غيبت السلطات الإيرانية شعبها والشعوب العربية الموالية لها لمدة 3 أيام بعد مقتل سليماني، مجيشة الحشود لصالحها، سواء بخطابات بنت سليماني، الهادفة لتأكيد ولاء القيادات الشيعية العربية لإيران، أو بالرسومات الوهمية عن لقائه بسيدنا الحسين، لإنعاش ولاء الشيعة العرب لإيران.‍

وبعد كل هذا العزف الأوركستري الجارف، جاء اعترافها بإسقاط الطائرة الأوكرانية بطريق الخطأ ليعيد الولاءات للمربع الأول: احتاجات بكبرى المدن الإيرانية، وأخرى بلبنان، أقوى معقل لمواليها.. إنها خيانة أن تقتل أكثر من 140 من أبناء شعبك، وإن كان بالخطأ، أثناء إدعائك الانتقام من قاتلي سليماني، الذين لم يصابوا حتى برشة ماء، بعد وعيد بنثر جثثهم في الشوارع. ‍

يفسر هذا المشهد بعاملين: عنصر المفاجأة بمقتل سليماني، وسوء الحظ في إسقاط الطائرة، الأول جعل إيران تتخبط بردود أفعالها من هول المفاجأة، فهي حليفة خفية لأمريكا، حيث غاب عنها أن أمريكا تتخلص من حلفائها بعد انتهاء خدماتهم، أو حين تتعارض المصالح، فمقتل سليماني يشبه التحول ضد صدام حسين، أو أي من رؤساء دول الربيع العربي، كما لا يختلف ضمناً عن مقتل بن لادن، والزرقاوي والبغدادي، فهم وسليماني في الإرهاب سواء، لكن الأول إرهاب مقنن، يندرج تحت جرائم الحرب، والآخرين أتخذوا طريق الإرهاب غير المقنن، والفريقان أرهبوا بمباركة أمريكية.‍


أما العامل الثاني فهو سوء الحظ، فهذا لم تحلم به أمريكا، خطأ بشري، أسقط طائرة، معظم ركابها إيرانيون، جنت أمريكا ثماره لتركيع إيران، وسحبها لطاولة المفاوضات علناً، أما سراً فلشل يدها عن العواصم العربية التي تتحكم بها، حتى تتمكن أمريكا من تطبيق خطتها للعقد المقبل في المنطقة.