كيف نفهم كواليس التضخم الأمريكي الأكبر في 4 عقود؟ وما أسبابه الحقيقية؟ أتراه جشع التجار كما تعتقد إدارة بايدن، أم أنه العرض والطلب؟ لشرح المسألة، سنضرب مثلاً وجبة الإفطار التي تتألف عادة من البرغر، معشوق الأمريكيين الذي يشكل فاتورة البقالة الأكبر، والبداية من أسعار خبز البرغر التي قفزت بنسبة 7%، لأن الولايات المتحدة مستورد خالص لمادة الغلوتين، احد المكونات الرئيسية في خبز البرغر، وبفعل تعطل الإمدادات، قفزت تكاليف 50% من مدخلات المخابز الأمريكية بأرقام مضاعفة منذ يناير، بما فيها أسعار القمح، والغاز الطبيعي اللازم لتشغيل الأفران.
ولأنه لا يوجد برغر دون لحم، فقد ازدادت الكلفة، فارتفع سعر اللحم البقري 16%، ولحم الخنزير 18%، مما دفع إدارة بايدن إلى إلقاء اللائمة على أكبر 4 شركات عملاقة تسيطر على 80% من السوق، وهي تايسون، وجي بي إس، وناشونال، وكارجيل، ولم تقف الحكومة مكتوفة الأيدي، فهي تحاول دعم سلاسل التوريد بهدف خلق مزيد من المنافسة في السوق، ومع ذلك، تجادل شركات اللحوم بأن إدارة بايدن تستخدمها ككبش فداء وتتجاهل زيادة تكاليف النقل، واختناق سلاسل التوريد، وارتفاع أجور العمال، أما البيض، وهو مكون رئيسي آخر مع البرغر، فقد زاد سعره 11%، ومع تزايد الطلب، اضطر المزارعون إلى بذل المزيد من الأموال مقابل علف الدجاج، والنقل، والاحتفاظ بعمال المزارع.
المايونيز رفيق البرغر أصبح أعلى كلفة بعدما زاد سعر زيت فول الصويا 15%
لم تكن الطماطم، هي الأخرى، بمعزل عن التضخم الأقسى في الولايات المتحدة، فقد ارتفع سعرها 1.7%، حيث يأتي معظم إنتاج الطماطم من ولايتي كاليفورنيا وفلوريدا، اللتين تنتجان 25% و40% على التوالي، وبينما ازدادت تكاليف الإنتاج على سلاسل التوريد 30%، أدرك المصنعون أنه تصعب زيادة الإنتاج الزراعي مع ندرة القوة العاملة، أما الخس، تلك الورقة الخضراء المهمة، التي تزرع في كاليفورنيا وأريزونا، فقد ارتفع ثمنها 12%، وتفاقم الأمر بسبب معاناة المزارعين من محدودية سعة النقل بالشاحنات، وارتفاع البنزين، والضغوط المناخية.
أما المايونيز رفيق البرغر، فهو الآن أعلى كلفة، بعدما زاد سعر زيت فول الصويا 15%، وهو عنصر رئيسي في الأطعمة المصنعة، بما في ذلك تتبيلة السلطة، بينما قفز جبن الشيدر الأمريكي3%، والذي يتم إنتاجه بشكل حصري في ولايات ويسكونسن، وكاليفورنيا، وأيداهو، وبشكل عام، إن هذه الأسعار الفلكية سببت آلاماً مضاعفة للأمريكيين، من القمة إلى القاع، بداية من المزارعين الذين يدفعون تكاليف أعلى؛ ومروراً بالعائلات والمستهلكين؛ وانتهاءً بإدارة بايدن، التي تشعر الآن بانخفاض شعبيتها بشكل دراماتيكي