مع نشأة الدولة لم يكن هناك الكم اللازم من الكفاءات المواطنة القادرة على النهوض بالكيان الوليد، فكانت الاستعانة الكبيرة بالخبرات غير المواطنة في المنظومة الحكومية وجميع قطاعات الاقتصاد، رحلة تنموية قل ما تتكرر في التاريخ كان نتاجها صناعة الملايين من الوظائف وفرص التكسب المشروع.
خلال تلك المسيرة التنموية تم توظيف مئات الآلاف من المواطنين في الكيانات الحكومية الاتحادية والمحلية، لم يشترط أن يكونوا الأفضل لأداء الوظيفة التي عهدت إليهم، كان الهدف هو الأمن المجتمعي بحيث يكون المواطن عنصراً فاعلاً في مجتمعه، ويكون قادراً على إعالة أسرته.
الحراك الحكومي الذي نشهده في ملف التوطين منذ 6 أشهر هو الأكثر جدية إطلاقاً في تقديري
وبعد 50 عاماً من ولادة كائن متحد اسمه «دولة الإمارات العربية المتحدة» تغيرت الظروف، فالكفاءات المواطنة على قدر من العلم يقارن بأكثر الدول تقدماً في العالم، والخبرات المكتسبة -خصوصاً في العقدين السابقين- قد لا يكون لها قرين على سطح المعمورة، لكننا في دولة توفر مصدر رزق لملايين المقيمين بدأنا نتحدث عن بطالة لدى مواطنيها وهم يشكلون 11% من تعداد سكانها!
الحراك الحكومي الذي نشهده في هذا الملف منذ 6 أشهر هو الأكثر جدية إطلاقاً في تقديري، شهدنا في السنين السابقة إعلانات وتصريحات وبرامج لم نرَ الأثر المأمول منها، ولعلها كانت مجموعة من التجارب التي توجب علينا الخوض فيها لأن نصل إلى ما نحن عليه الآن، لعلها كانت متطلباً لأن نصل لمرحلة النضج الذي نتج عنه إطلاق البرامج الحكومية الأخيرة.
الحكومة لن يكون بإمكانها توظيف كل خريج مستقبلاً، والقطاع الخاص لن يأخذ التوطين بمحمل الجد إن لم يرَ الالتزام ذاته من قبل الشركات الحكومية، وكم شركة وبنك حكومي اليوم قمة هرمه قائمة على كفاءات غير مواطنة؟