الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

انهيار الدولار.. ليس في هذه الحياة

اخترتُ هذا العنوان ليس لأنني أعتقد أن الدولار سينهار، بالعكس فقد صعد الدولار يوم الخميس الماضي إلى أعلى مستوى له في عقدين من الزمن. سبب العنوان فقط لأنه عنوان متكرر حول هذا الموضوع المُثير.

من منا لم يستلم رسالة على الواتساب أو مقالاً على البريد الإلكتروني حول النهاية الوشيكة للدولار؟

لو بحثت في غوغل باستخدام نفس العنوان ستجد مقالات لا تعد ولا تحصى عن ذاك الاقتصادي آنذاك والمحلل الذي تنبأ بانهيار الدولار في سنة كذا وكذا، ومرت هذه السنين.. وبقي الدولار قائماً.

مؤخراً، هلل البعض بأن نهاية الدولار مقبلة وأنه سيستبدل بالروبل الروسي! على أساس أن الروبل سيتم تغطيته بالذهب. في الواقع لا يوجد ذهب كافٍ في العالم لتغطية الدولار الأمريكي، ولا حتى الجنيه الاسترليني ولا الين الياباني، ولو قامت كل دولة بتغطية عملتها الوطنية بالذهب، لما وجدت النساء ذهباً يلبسنه.

الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا دفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أماناً، وبما أن الدولار الأمريكي بحد ذاته هو أحد هذه الأصول، ارتفع الطلب عليه مما دفع مؤشره إلى أعلى مستوى له.

لو قامت كل دولة بتغطية عملتها الوطنية بالذهب.. لما وجدت النساء ذهباً يلبسنه

يُستخدم مؤشر الدولار الأمريكي من قبل المتداولين الذين يقيسون قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات التي تستخدم في الدول التي تعتبر شركاء تجاريين للولايات المتحدة وبنسبة توزيع مختلفة من حيث التأثير.

اثنان من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة وهما الصين والمكسيك لا توجد عملتهما في هذا المؤشر بسبب أن اليوان الصيني يتم تحديد قيمته اصطناعياً بواسطة الحكومة الصينية بينما البيزو المكسيكى غير مستقر لتقلبات اقتصاد البلاد.

غالباً ما يُنظر للعملة الأمريكية على وجه الخصوص على أنها أصل الملاذ النهائي لوضعها كعملة احتياطية في العالم، فـ60% من احتياطيات البنوك المركزية في العالم مقومة بالدولار، وأكثر من 85٪ من معاملات الفوركس تنطوي على الدولار وحتى الذهب نفسه الذي يعتبر الملاذ الأخير مقوم أيضاً بالدولار.

رأينا اندلاع حروب، شهدنا أزمة اقتصادية عالمية، أصاب العالم أجمع وباء كارثي، وفي كل مرة يهرب المستثمرون إلى السوق الأكثر أماناً وسيولة في العالم وإلى عملته. الأسواق الأمريكية والاقتصاد الأمريكي هم من يحافظان على قوة العملة، والعملة لا تنهار بذاتها ولا يمكن أن تنهار عملة واقتصاد البلاد قوي.

منذ صعوده إلى الصدارة عام 1970، ومحللون واقتصاديون يحذرون ويتنبؤون بذلك الانهيار الوشيك للدولار، ولكنني أميل إلى الاعتقاد بأن لا يوجد شيء حتى الآن يستطيع أن يزيح الدولار من هذه المكانة المرموقة كعملة عالمية، لكن انهياره ليست استحالة.