الدولة التي تسلك هذا المسار تجد نفسها تعاني من ارتفاع معدلات البطالة وتدني النمو وتدهور في أنظمتها المصرفية، وفي مثل هذه الظروف يكون من الصعب إنعاش مستويات النمو من خلال الإجراءات الاقتصادية الداخلية وحدها، فيتم اللجوء إلى خفض قيمة العملة الوطنية لدفع سوق الصادرات إلى مستويات أعلى.
ولاستيضاح الأمر من المفيد أن نسترجع المكونات الأساسية الأربعة للنمو في الناتج المحلي الإجمالي، وهي: الاستهلاك، الاستثمار، الإنفاق الحكومي، صافي الصادرات (فرق الصادرات والواردات).
الاقتصاد الذي يعاني من ضائقة سيجد أن الاستهلاك إما راكد أو في تراجع بسبب البطالة أو عبء الديون المفرط، وبالنسبة للاستثمار في المنشآت التجارية والمعدات والإسكان فيتم قياسه بشكل مستقل عن الاستهلاك، لكنه مع ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً به، فالشركات والمصانع لن تستثمر في توسعاتها الجديدة ما لم تتوقع أن يشتري المستهلكون منتجاتها في المستقبل المنظور، وبالتالي فعندما يتراجع مؤشر الاستهلاك يميل الاستثمار التجاري إلى التراجع أيضاً، وبالرغم من أن التوسع في الإنفاق الحكومي يمكن أن يؤتي ثماره في ظل تراجع الاستهلاك والاستثمار، إلا أنه في حاجة إلى زيادة الضرائب والاقتراض الحكومي، وفي خضم أزمة اقتصادية خانقة.
تلجأ العديد من الدول الصناعية الكبرى لإشعال حرب العملات على نطاق عالمي لمواجهة أزمات داخلية
في ظل اقتصاد لن يتوسع فيه الأفراد والشركات وحيث الإنفاق الحكومي مقيد، فالطريقة الوحيدة المتبقية للانتعاش هي زيادة صافي الصادرات والطريقة الأسهل والأسرع لفعل ذلك هي تخفيض سعر العملة، فعلى سبيل المثال لو أن سعر إحدى السيارات الألمانية هو 40000 يورو، وأن اليورو الواحد يساوي 1.30 دولار، فان سعر السيارة في الولايات المتحدة هو 52000 دولار. لنفترض بعد ذلك أن اليورو انخفض إلى 1.10 دولار. حينها ستكلف نفس السيارة الألمانية 44000 دولار. هذا الانخفاض في السعر الدولاري للسيارة يعني أنها ستكون أكثر جاذبية للمشترين في الولايات المتحدة وستبيع المزيد من الوحدات في المقابل. على الجانب الآخر فإن الإيرادات للشركة المصنعة الألمانية والبالغة 40000 يورو لكل سيارة هي نفسها في كلتا الحالتين. فمن خلال تخفيض قيمة اليورو، يمكن لشركة السيارات الألمانية بيع المزيد من السيارات في الولايات المتحدة دون أي انخفاض في سعر اليورو لكل سيارة.